عندما سجل مهاجم أكاديمية باريس سان جيرمان سيني مايولو الهدف الأخير في فوز فريقه على إنتر ميلان في نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بدا الأمر أكثر من مجرد إكمال هزيمة الفريق الإيطالي.

بالنسبة للنادي الفرنسي، كان هذا الأمر تحولا استراتيجيا. فبعد أكثر من عقد من التعاقدات التي استقطبت اهتمام وسائل الإعلام، يعتمد باريس سان جيرمان على مجمعه التدريبي الجديد الذي تبلغ تكلفته 350 مليون يورو (403 ملايين دولار) لبناء فرق المستقبل والتي ستعتمد بشكل كبير على لاعبين من داخل النادي.

ويضم هذا المرفق الواقع على مشارف باريس فرق باريس سان جيرمان للرجال والسيدات والشبان تحت هيكل واحد، وهي خطوة تهدف إلى عكس تحول النادي نحو تطوير المواهب المحلية.

وقال لويس كامبوس المدير الرياضي للصحفيين: "هناك دفعة واحدة فقط من السلالم لصعودها. على المدى البعيد سيكون من الممكن بناء فريق دون إنفاق مبالغ طائلة في سوق الانتقالات، والحصول على فريق بهوية فرنسية".

هذه الهوية واضحة بالفعل. هذا الموسم، انضم خمسة لاعبين من الأكاديمية - وارن زاير-إيمري وسيني مايولو ونواه كامارا وإبراهيم مباي وكونتان إنجانتو - للفريق الأول.

كما أشرك باريس سان جيرمان أصغر تشكيلة أساسية في تاريخه ضد مونبلييه في مايو أيار الماضي بمتوسط أعمار بلغ 21 عاما و251 يوما، وكان الفريق الذي رفع كأس دوري أبطال أوروبا ثاني أصغر فريق يفوز بالبطولة، بمتوسط أعمار بلغ 24 عاما و110 أيام - أكبر قليلا من فريق أياكس أمستردام موسم 1994-1995.

وحطم اثنان من أبرز المواهب في النادي الأرقام القياسية - حيث بدأ زاير-إيمري مباراة وعمره 16 عاما وأربعة أشهر و29 يوما ولعب مباي وعمره أكبر بشهرين فقط.

وتمثل هذه السياسة انحرافا في النهج الذي تم اتخاذه بعد استحواذ شركة قطر للاستثمارات الرياضية على النادي عام 2011، عندما أصبح باريس سان جيرمان أحد أكبر أندية أوروبا إنفاقا على التعاقدات.

وتعاقد بطل فرنسا مع نجوم عالميين مثل زلاتان إبراهيموفيتش ونيمار وكيليان مبابي وليونيل ميسي، لكنه فشل في الفوز بكأس أوروبا للمرة الأولى معهم.

قال يوهان كاباي مدير الأكاديمية إن مشروع المجمع التدريبي، الذي اكتمل في يناير كانون الثاني 2024، يعتمد على ثلاثة أعمدة وهي التطوير الرياضي والتعليم والنمو الشخصي.

وأكد كاباي زيارة الأسبوع الماضي من هيئة تفتيش العمل، وهي هيئة حكومية فرنسية مسؤولة عن مراقبة الامتثال لقانون العمل، والتي تبحث في سوء الإدارة المزعوم في الأكاديمية.

وقال: "ليس لدينا ما نخفيه. عندما يكون لديك طموح عليك أن تتقبل مستوى المتطلبات التي يفرضها ذلك. علينا أن نواصل العمل والمضي قدما. بالنسبة لي أهم شيء، والذي ينبغي أن يظل تركيز الجميع عليه، هو مهمتنا الأساسية".

ويهدف قرب لاعبي الأكاديمية من الفريق الأول إلى تسهيل عملية التحول والانتقال.

وقال كامبوس: "نريد أن تفهم فرقنا للشباب مباديء اللعب التي يتبعها مدرب الفريق الأول. عند انطلاقهم، يجب أن يكونوا على دراية مسبقة بأسلوبنا في الضغط والاستحواذ".

ولإيجاد مساحة للاعبي الأكاديمية، لجأ باريس سان جيرمان إلى تقليص حجم الفريق الأول عمدا.

وأضاف كامبوس: "هذه ليست هدايا. فريقنا قائم على وجود 14 أو 15 لاعبا يجيد اللعب في أكثر من مركز، مع مكان لستة أو سبعة لاعبين من الأكاديمية يكتسبون مقاعدهم في الفريق الأول".

يأتي هذا التحول في وقت تواجه فيه كرة القدم الفرنسية ضغوطا اقتصادية عقب تراجع إيرادات البث المحلي. بالنسبة لباريس سان جيرمان، أصبح تطوير اللاعبين داخليا ضرورة رياضية ومالية.

وقال كاباي: "هذه مجرد البداية. نحتفل بمرور 50 عاما، لكن هذا المشروع هو بداية لشيء أكبر بكثير".