شغف ملحوظ ذلك الذي تحظى به حرفة التطريز التقليدي، التي لم تعد فقط مجرد حرفة أو حتى فن عريق يعبر عن تراث المملكة، ولكنها باتت لدى الكثيرات من الفتيات والنساء، مصدر دخل مهم، بالإضافة إلى أن كل إبرة وخيط تنسج قصة من التراث وكل نقشة ورسمة لها إرث عريق في ثقافة البلاد.
المعهد الملكي للفنون التقليدية يصقل مهارات المتدربات
"أخبار 24" التقى مجموعة من المدربات والممتهنات لهذه الحرفة واللاتي أثقلن مهاراتهن عبر المعهد الملكي للفنون التقليدية الذي يعمل على تعليم كيفية إتقان مهارات فن التطريز التقليدي أو اليدوي، حيث أكدن أن التطريز يعيد تطوير الرموز التاريخية، وأن كل غرزة تعبر عن هوية تراثية باستخدام خامات قديمة أو تطويرها بخامات جديدة، كما أن مسميات الغرز التاريخية تتداخل مع الرموز التي تمثل جميع مناطق المملكة.
وخلال حديثهن أكدن أن دعم حرفة التطريز من المعاهد الحكومية والمؤسسات قدم الكثير للحرفيات فنيا وماديا، حيث تحولت الحرفة نفسها لمصدر دخل كبير.
وقالت المدربة والحرفية في المعهد ندى سمان، لـ"أخبار 24"، إنها دخلت الحرفة من باب الشغف والهواية منذ الطفولة ونمت معها الموهبة وبعد الثانوية حصلت على دبلوم في المعهد المهني، وأحبت الدراسة في هذا المجال كثيرا وحصلت على المركز الأول على منطقة الرياض وذلك قبل 25 عاما، واستمرت في تطوير نفسها حتى أصبحت مدربة، مبينة أنها عملت في عدة شركات ومصانع حتى أصبح لها عمل خاص بها في هذا المجال.
وأشارت إلى أن والدها اشترى لها الماكينة والأدوات الخاصة بالتطريز ووالدتها شجعتها على الاستمرار، لافتة إلى أهمية الحفاظ على هذا الإرث وتوفير الأدوات لبناتنا وتشجيعهن على الاستمرار وشغل وقت الفراغ واعتبارها مهنة قد تحمي من الفقر أيضا، فهي مهنة سهلة مع التدريب.
وأبانت أن هذه الحرفة شهدت تطويرا في الآونة الأخيرة، فمثلا أصبحت هناك خيوط جديدة فبدلا من استخدام خيوط القصب والقطن، باتت هناك خيوط فرنسية وغيرها من الخيوط الحديثة، لكن الإبر تقريبا هي نفسها، مشيرة إلى أن هناك العديد من أسماء الغرز مثل "بطن الحية" و"السلسلة"، حيث إن هناك مستويين تعليميين من الغرز الأول يشمل نحو 2 غرزة، والثاني يشمل 15 غرزة.
ونصحت سمان الفتيات والنساء بالاهتمام بالحرف التقليدية فليس هناك أغلى من امتلاك حرفة يدوية، كون هذا يعتبر إرثا أولا، وكذلك حماية من الفقر ومصدر دخل حقيقي حيث مكنتها من امتلاك سيارة وبات لديها عمل خاص، والأمر الثالث أنها تكون علاجا نفسيا وتنفيسا للفتيات بدلا من الجلوس في البيت، علاوة على أن امتهان هذه الحرفة يحافظ عليها من الاندثار.
أما مصممة الأزيار المعتمدة والحرفية الحاصلة على دبلوم عالٍ في تصميم الأزياء وضحى المعيدي، فقالت إنها تمتلك مشروع بيع عبايات وتعمل دائما على تطوير مهاراتها بين الفترة والأخرى، مبينة أن مهنة التطريز التقليدي هي أكثر مهنة ناسبتها كما أنها أحبت هذه الحرفة كونها من تراث المملكة علاوة على أنها تنفعها في مشروعها أيضا.
وأشارت المعيدي وهي أيضا متدربة في المعهد الملكي للفنون التقليدية، إلى أن هناك تعاونا وتجاوبا كثيرا من المعهد معها والإجابة على استفساراتها وثقل مهاراتها بشكل ملحوظ، معربة عن أمنيتها بأن تتجه البنات وكذلك الشباب لهذه المهنة الجميلة كونها جزءا من إرثنا.
من جانبها، قالت المتدربة في المعهد عزيزة بخيت، إنها تحب العمل بالإبرة منذ صغرها لكنها لم تكن تعلم بوجود المعهد، لكن أصغر بناتها هي التي كانت تعمل بها وقامت بالتسجيل لها، فحصلت على الدورة التدريبية في المقطع النجدي وكانت من أمتع الدورات التدريبية في حياتها، حيث انتهت من الثوب النجدي، وجعلت الكم من منطقة نجران ونزلت عليه بشال من منطقة جازان وقامت بارتدائه في يوم التأسيس.
وأشارت إلى أن التطريز التقليدي ينتظره مستقبل مهم، فمثلا إذا نظرنا ليوم التأسيس وكأس الفروسية السنوي واليوم الوطني، حيث تشترط بعض الأسر ارتداء الزي التقليدي ويكون كل فرد من العائلة يمثل منطقة معينة، وذلك حفاظا على إرثنا، داعية إلى عدم الاكتفاء فقط بالشغف فلا بد من صقل المهارة بالتعليم والتدريب.































