close menu

في عام الحرف.. "السدو" لا يزال ينبض بالعراقة

تعكس رسومات السدو الخاصة التراث السعودي الغني

يأتي عام 2025 بوصفه عامًا للحرف اليدوية، ليعيد تسليط الضوء على ثقافة سعودية نابعة من روح الفنون والحرف التي عرفها القدماء وأتقنوها، ما ساعد على استمرارها وتوثيق قصصها وتعزيز حضورها في الحياة المعاصرة.

ارتبط "السدو" قديمًا بحياة البادية

ويبقى "السدو" من الحرف التي ارتبطت قديمًا بحياة البادية، واستطاعت أن تحافظ على وجودها القوي في الوقت الحاضر، من خلال روادها الذين استمدوا فنونها من أجدادهم، وأضافوا لمسة خاصة تحمل روح العصر وعبق الماضي وتراثه الخالد.

"السدو" له أدواته المعروفة وتقنياته المختلفة، التي تبدأ بـ"جز الصوف" وغزله بطريقة حرفية، وصولًا إلى صبغه بألوان مختلفة، لتتكون لوحة فنية تعكس روح التراث السعودي وعراقته.

وتعكس رسومات السدو الخاصة التراث السعودي الغني، منها "المذخر" من ذخر الشيء، و"الجوزية" التي تدل على حسن اختيار أرض القبيلة، و"الزهرة" التي ترمز إلى الخصب، و"السهام" الرامزة لوفرة الصيد، و"هدب العيون" التي ترمز للجمال.

الحرفية لهدة عناد العنزي،  حملة راية "السدو" بخبرتها التي تمتد لأكثر من 55 عامًا، تتحدث لـ"أخبار 24" عن هذا المجال، وتسرد رحلة صناعة "السدو"، والتي يتشارك فيها الرجال بداية من "جز صوف" الأغنام، ثم يبدأ دور النساء في غزله وصبغه.

الخالة لهدة، التي تُعرف في أوساط هذه الحرفة التراثية بـ"أم السدو"، لم ترزق بأبناء طيلة حياتها، إلا أنها تعتبر هذا الفن هو ابنها الذي لم تنجبه، وطاقتها الفنية التي يتشكل بها وجدانها، وشريكًا لها طيلة حياتها التي تمتد لـ70 عامًا.

وتضيف الحرفية لهدة أن هناك عدة أدوات أساسية في صناعة "السدو"، منها "مغزل الصوف" وأدوات الصبغ والمسادي والمراكيب، حيث تستخدم في صناعة خيوط متينة وصبغها، ثم غزلها لصناعة أشكال مختلفة تعبر عن التراث السعودي.

ويمرّ السدو بعدة مراحل تبدأ من جز الصوف ثم فرزه وغسله باستخدام بعض المواد كالصابون أو الرماد لتنظيفه من العوالق والشوائب، ثم تجفيفه وبرمه وغزله وصبغه بألوان طبيعية مستخلصة من النباتات وقشور وجذور الأشجار مثل: الزعفران، والحناء وغيرها، ويغلب على ألوان قطع السدو الأسود والأبيض والأحمر والبني، بالإضافة إلى ألوان أخرى، وتزين القطع بالنقوش والزخارف ولوحات فنية إبداعية من الأشكال الهندسية مثل: المستطيل، والدائرة، والمثلث وغيرها من الأشكال المميزة، التي يرمز العديد منها إلى تفاصيل ودلالات مرتبطة بالحياة البدوية.

ويحظى فن حياكة السدو بمكانة متميزة في مختلف مناطق المملكة، ومنها منطقة الجوف، حيث تبرع العديد من الحرفيات والأسر المنتجة في تقديم منتجات سدو متميزة، وتجد الدعم والمساندة من إمارة منطقة الجوف والقطاعات الحكومية والأهلية، ومنها جمعية "مغازل السدو" التي تنظم العديد من البرامج التدريبية للحرفيات، فضلًا عن المعارض والبرامج التي تهدف لتسويق المنتجات والتعريف بهذه الإبداعات.

أضف تعليقك
paper icon
أهم المباريات