يُعَدّ السمسم أحد أبرز المحاصيل التراثية في جازان، حيث يبرز نبات السمسم أو "الجلجلان" كما يسميه أهالي جازان، رمزًا حيًا للتراث الزراعي الغني، وحكايةً متجددة عن التلاحم بين الإنسان وأرضه عبر الأجيال.

ويُمثّل السمسم جسرًا يربط الإنسان بالتربة منذ القدم، فقد ارتبطت حياة المزارع الجازاني بهذا النبات الذهبي، مستمدًا من خصوبة الأرض ودفء الشمس وعطائها السخي، حيث بلغت المساحات المزروعة نحو 6,400 هكتار وتبدأ زراعته ببذور تُنثَر تقليديًا وتُحصد بعد نحو 90–120 يومًا في مشاهد جماعية تعبّر عن ارتباط المزارعين بأرضهم.

وتنتج المنطقة أكثر من 6,4 مليون كيلوغرام سنويًا، ما يعكس حجم هذا الإرث الزراعي وأهميته الاقتصادية، ويشتهر السمسم الجازاني بنقاوته واحتوائه على زيوت طبيعية غنية، يُستخلص منها زيت "السليط" الشهير، المستخدَم في الطهي والعلاج على حدٍّ سواء.

وعرف أهالي جازان منذ القدم فوائد بذور السمسم، فالنوع الداكن منها يُعَدّ أفضل علاج لبعض الأمراض، مثل مشاكل الكبد والدوخة، وزيادة إدرار حليب الأم المرضع، إلى جانب فوائده الجلدية، وتحسين الهضم، وتقوية النظر وصحة الشعر، كما يُستخدم زيت السمسم في تحضير أكلات تقليدية متنوعة، أبرزها "مكشن السمك"، وأنواع متعددة من الإيدامات والسلطات والحلويات، لما يضفيه من نكهة غنية وقيمة غذائية عالية، كما يدخل في بعض الصناعات التحويلية المحلية.

ويبقى السمسم في جازان أكثر من مجرد محصول زراعي، فهو حكاية متجددة مع كل موسم، يرويها المزارعون عن أرض سخية تهدي للعالم عبق التراث وطعم الأصالة، ممزوجًا بذكريات الجدود وحكايات الأجيال، ليظل رمزًا للتراث الزراعي الجازاني و"ذهب الأرض الأبيض".

**carousel[9494904,9494901,9494906,9494903,9494898,9494905,9494899]**