تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية منظومة متعددة المستويات لتصنيف الجماعات والأفراد المتورطين في الإرهاب، تستند إلى قوانين فيدرالية وتخضع لإشراف وزارات الخارجية والخزانة والعدل.
وتُعد هذه التصنيفات إحدى أبرز أدوات السياسة الأمريكية في محاربة تمويل الجماعات المسلحة وملاحقة الجهات التي تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها.
ويُنظر لهذه القوائم على أنها ذات آثار سياسية واقتصادية واسعة، إذ تمتد عواقبها إلى الدول والمؤسسات المالية والشركات التي ترتبط بالكيانات المدرجة، وتهدف بشكل رئيسي إلى تعطيل شبكاتها المالية وعزلها دولياً، وتترتب عليها مجموعة من العواقب الاقتصادية والقانونية التي تتفاوت حدتها وشموليتها بحسب نوع التصنيف المعتمد.
وفي هذا الإطار، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى البدء في إجراءات تصنيف بعض من فروع جماعة الإخوان المسلمين كمنظمات إرهابية أجنبية، مع الإشارة تحديدًا إلى تلك الموجودة في لبنان ومصر والأردن، حيث أشار القرار إلى أنها ترتكب أو تسهّل أو تدعم العنف وحملات زعزعة الاستقرار التي تضر بمناطقها وبمصالح ومواطني الولايات المتحدة، ويعكس هذا القرار السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة لفرض القيود على الكيانات الإرهابية التي تعمل على زعزعة الاستقرار وتُلحق الضرر بمصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
تصنيف "المنظمات الإرهابية الأجنبية" (FTO)
يعد هذا التصنيف من أقدم الأدوات الأمريكية في مكافحة الإرهاب، وتصدره وزارة الخارجية بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية. ويشترط القانون 3 معايير أساسية: أن تكون الجماعة أجنبية، وأن تمارس الإرهاب أو لها القدرة والنية على القيام به، وأن يشكل نشاطها تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.
ويؤدي إدراج أي منظمة ضمن هذه القائمة إلى تجريم تقديم أي مساعدة مادية لها داخل الولايات المتحدة، مع تجميد ممتلكاتها الخاضعة للولاية الأمريكية، وفتح المجال لملاحقات جنائية بحق أي فرد يثبت تعامله معها.
كما تُلزم المؤسسات المالية برفع درجة التدقيق في أي نشاط مرتبط بالدول أو الجهات التي قد ترتبط بتلك الكيانات.
تصنيف الإرهاب العالمي بموجب الأمر التنفيذي 13224
أصدر البيت الأبيض هذا الأمر بعد أحداث 11 سبتمبر، وهو يمنح وزارة الخزانة صلاحيات واسعة لتسمية أفراد وكيانات على أنهم "إرهابيون عالميون خاصون".
ويشمل هذا التصنيف جماعات وأشخاصًا داخل الولايات المتحدة وخارجها، إذ لا يشترط أن تكون الجهة أجنبية. ويتمتع هذا التصنيف بمرونة أكبر مقارنة بقائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، ويسمح للحكومة الأمريكية بتجميد الأصول فورًا دون الحاجة لإجراءات مطوّلة.
وتُلزم البنوك حول العالم بالتعامل مع هذا التصنيف تجنبًا للعقوبات الثانوية، ما يجعله أحد أكثر الأدوات تأثيرًا على التمويل الدولي.
قائمة "الدول الراعية للإرهاب"
تمثل هذه القائمة أعلى مستوى من التصنيف في النظام الأمريكي وتصدرها وزارة الخارجية. ويُدرج ضمنها أي بلد تعتبره واشنطن داعمًا لأعمال الإرهاب أو يقدّم ملاذًا للجماعات المسلحة.
وتجرّ هذه القائمة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية واسعة تشمل القيود على المساعدات الأمريكية، ومنع صادرات الأسلحة، وفرض قيود مالية على البنوك والشركات التي تتعامل مع الدولة المدرجة.
كما تطبق الولايات المتحدة عقوبات ثانوية على أطراف أجنبية تتعامل تجاريًا مع تلك الدول، ما يجعل الإدراج ذا تأثير دولي يتجاوز الإطار الأمريكي الداخلي.
ويتيح هذا التصنيف لضحايا الإرهاب الأمريكيين الحق في مقاضاة تلك الدول للحصول على تعويضات، مما يُشكل ضغطاً اقتصادياً وقانونياً شاملاً على الدولة المعنية.
الفوارق الأساسية بين التصنيفات
توجد اختلافات جوهرية بين هذه التصنيفات الثلاثة، تبدأ من الجهة المسؤولة وتنتهي بالعواقب القانونية. فتصنيف FTO يركز على الجماعات المسلحة الأجنبية ويُلزم القضاء الأمريكي بمتابعة أي تعامل مالي معها. أما الأمر التنفيذي 13224 فهو أكثر شمولًا ويتيح إدراج أفراد وشركات وحتى وسطاء ماليين. وفي المقابل، يخص تصنيف "الدول الراعية للإرهاب" الحكومات نفسها، ويُعد الأكثر صرامة من حيث العقوبات والآثار الدبلوماسية، إذ يقيّد العلاقات العسكرية والاقتصادية بشكل جذري.
الآثار القانونية والاقتصادية على الأفراد والجهات المدرجة
تؤدي هذه التصنيفات إلى تجميد أصول الجهة المدرجة على الفور، ومنع المؤسسات الأمريكية من التعامل معها، إضافة إلى ملاحقات جنائية لمن يقدم لها دعمًا ماديًا.
كما تُعد هذه التصنيفات جزءًا من منظومة أوسع تشمل قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تفرض التزامات على البنوك في داخل الولايات المتحدة وخارجها.
ويؤثر الإدراج على حركة السفر، والقدرة على إجراء التحويلات البنكية، وحتى على قبول المؤسسات الدولية بأي معاملاتها أو وجودها ضمن الأسواق.
أثر التصنيفات على العلاقات الدولية
لا تبقى هذه القوائم ضمن الحدود الأمريكية، إذ تمتد آثارها إلى بنية العلاقات الدولية. وتواجه الدول أو الجهات المدرجة صعوبات في الوصول إلى النظام المالي العالمي، حيث تتجنب البنوك والمؤسسات التعامل معها تجنبًا للعقوبات الثانوية الأمريكية.
كما تُستخدم هذه التصنيفات في أحيان كثيرة كأداة ضغط سياسي، وهو ما دفع عدداً من الدول إلى اتخاذ إجراءات قانونية وسياسية لتفادي إدراجها أو السعي لرفعها من القائمة.
وتُظهر التصنيفات الأمريكية للإرهاب مدى اعتماد واشنطن على منظومة قانونية متعددة الأدوات، تهدف إلى ملاحقة الجماعات المسلحة، وتعطيل شبكات التمويل، والضغط على الدول التي توفر دعماً مباشراً أو غير مباشر للأنشطة الإرهابية. وتبقى هذه القوائم ذات تأثير عالمي يتجاوز الحدود الأمريكية، بالنظر إلى ارتباط الاقتصاد الدولي بالقرارات الصادرة في واشنطن.