لم يعد عصر تجريب الذكاء الاصطناعي قائماً؛ فالميزة التنافسية اليوم تنبع من دمج الذكاء الاصطناعي المُوجّه نحو النتائج، بما يحقق أثراً مباشراً في كفاءة الأعمال. ومع تسارع التحول الرقمي في المملكة ضمن مستهدفات رؤية 2030، باتت المؤسسات السعودية تتجاوز مرحلة التجارب الأولية نحو تطبيقات إنتاجية واسعة النطاق تُغيّر جذرياً أسلوب إنجاز العمل.

وهنا يبرز IBM watsonx Orchestrate كأحد أهم مناطق القوة التي تمكّن الكوادر السعودية الشابة من الازدهار في اقتصاد يقوده الذكاء الاصطناعي.

تشير أحدث دراسة أعدّتها IBM لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا إلى أن 84.2% من القيادات التنفيذية في السعودية أفادوا بتحقيق مكاسب إنتاجية ملموسة من الذكاء الاصطناعي— متجاوزين المتوسط الإقليمي بفارق كبير. والأهم أن الأثر لا يقتصر على الأتمتة؛ إذ يؤكد أكثر من 50% من القادة في المملكة أن الذكاء الاصطناعي حرر طاقات الموظفين للتركيز على الابتكار وتطوير الأفكار الجديدة، مقارنة بمتوسط إقليمي يبلغ 38.1%.

بمعنى آخر: الذكاء الاصطناعي يعيد توجيه رأس المال البشري نحو النمو.

من التجارب إلى إنتاجية قابلة للقياس

تتسق هذه القفزة مع التوجه الاقتصادي الوطني؛ والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، ومن المتوقع أن تتجاوز قيمة الذكاء الاصطناعي التوليدي في المملكة 4 تريليونات ريال بحلول 2032، ما يرسّخ دوره كمحرّك رئيسي لقيمة الاقتصاد المستقبلي.

وفي هذا السياق، لم يعد الريادة مرهونة باقتناء حلول الذكاء الاصطناعي، بل بتشغيلها فعلياً ضمن بيئات العمل.

ويُعد الانتقال من التجارب المحدودة إلى الاعتماد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي أحد أبرز أسباب تسارع المؤسسات السعودية في تحقيق العائد. فبدلاً من الاعتماد على الموظفين لدفع العمل عبر الأنظمة، يوفر watsonx Orchestrate— الحل المخصص لبناء وإدارة ونشر مساعدين ووكـلاء ذكاء اصطناعي، إمكانية أتمتة سير عمل كامل باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ويستطيع Orchestrate معالجة المهام المتكررة والعمليات متعددة الخطوات من البداية حتى النهاية، ما يخفف العبء التشغيلي ويتيح للموظفين التركيز على الأعمال ذات القيمة الأعلى.

يقول فهد العنزي، المدير العام لـ IBM السعودية: "يمثل watsonx Orchestrate خطوة جديدة في تمكين المؤسسات من إطلاق القدرات الكامنة لدى كوادرها. فمن خلال الدمج بين الذكاء الاصطناعي والأتمتة، نرفع الإنتاجية ونساعد القادة والفرق على إعادة تصور أسلوب إنجاز العمل، ودفع الابتكار والنمو في مختلف القطاعات."

أتمتة حقيقية… وليست انهاء مهام فقط

بعكس أدوات الأتمتة التقليدية، يتكامل Orchestrate مع البنى التقنية القائمة مثل Salesforce وSAP وSlack وWorkday ومعظم أدوات المؤسسات بنسبة 99% عبر مساعدين يعتمدون على اللغة والذكاء الاصطناعي الموجّه. كما يمكن إنشاء هؤلاء المساعدين دون الحاجة إلى كتابة المحتوى وذلك باستخدام Agent Builder، أو تفعيلهم مباشرة من مكتبة جاهزة تشمل مجالات الموارد البشرية والمشتريات والمالية والمبيعات، وتكون النتيجة أتمتة الأعمال بشكل متكامل، لا مجرد أتمتة لخطوات منفصلة.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة لمعهد IBM لقيمة الأعمال (IBV) أثر هذا التحول، حيث تُظهر أن تطبيقات Orchestrate تحقق:

• أكثر من 35% زيادة في الإنتاجية

• أكثر من20% تحسّن في الاحتفاظ بالموظفين

• قفزات في فعالية التدريب والتأهيل

ولا يقتصر التأثير على الموارد البشرية؛ إذ سجلت الفرق المالية أكثر من 24% في مستوى التحسّن في دقة التوقعات وتسريعاً في دورات الإقفال المالي، فيما حقق قادة المشتريات أكثر من 41% زيادة في الكفاءة وتعزيزاً للالتزام والامتثال.

تحول أوسع يتردد صداه عبر أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا

يؤكد بحث IBM الإقليمي نفس الاتجاه؛ إذ أفاد أن 66% من القيادات في المنطقة تحقق مكاسب إنتاجية واضحة من الذكاء الاصطناعي، بينما يتوقع 92% مردوداً استثمارياً واضحاً خلال العامين المقبلين مع انتشار الوكلاء الرقميين على نطاق أكبر.

وتبرز أمثلة عالمية تعزز هذا التوجه:

منصة IBM AskHR تعاملت مع 11.5 مليون تفاعل للموظفين في أكثر من 170 دولة عبر مساعد ذاتي يعمل بـ Orchestrate.

شركة FloCareer رفعت قدرة المقابلات بنسبة 10–20% مع تحقيق 94% نسبة رضا المرشحين.

شركة Avid Solutions خفّضت مدة الإعداد الوظيفي بنسبة 25%، وقللت الأخطاء في المشاريع بـنسبة 10%، وانخفض معدل الدوران الوظيفي بـ 5%.

المنافسة المقبلة: ليست لمن يعتمد الذكاء الاصطناعي... بل لمن يشغّله

بالنسبة للسعودية، لا تُعد هذه الأمثلة مجرد مؤشرات عالمية، بل هي وثيقة الصلة بسرعة وحجم التحول الوطني. فالسوق العالمي ينتقل من مرحلة استكشاف الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة تحقيق العائد منه، والمؤسسات السعودية تتقدم في هذا المسار.

في العقد القادم، لن تتفوق المؤسسات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تلك التي تدمجه في جوهر أسلوب العمل، لتتحول استراتيجيات الذكاء الاصطناعي من مجرد "شرائح عرض" إلى ميزة تنافسية حقيقية.