ظلت مهنة التفتيش البيئي حكراً على الرجال في المملكة لسنوات، حتى قررت 7 فتيات خوض هذا النوع من التحدي رغم صعوبته والمخاطر التي تكتنفه، وبالفعل أثبتن وجودهن ونجحن في مهمتهن، كغيرهن من السعوديات اللائي يحرزن إنجازات ونجاحات متى ما أتيحت لهن الفرصة والتدريب المناسب.

نورة إلياس كانت ضمن أول 7 مفتشات بيئيات في فريق تفتيش تابع للمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، وتضاعف عددهن ست مرات، بعد أن أثبتن نجاحهن خلال سنوات قليلة من خوض غمار تجربة مليئة بالتحديات، تتمثل في طبيعة عمل شاق يتطلب التنقل اليومي للكشف على سلامة عمل المنشآت من الملوثات ذات الأثر البيئي، التي تؤثر على سلامة الأوساط البيئية "الماء والهواء والتربة".

تخصصت نورة في فيزياء الأجهزة الطبية، غير أن عملها الأول لم يكن مكتبياً أو بين أروقة مختبرات مكيفة، حيث واجهت مع زميلاتها المشكلات التي تعيق عمل المفتشين عادة وتستنزف طاقاتهم، مثل وعورة الوصول للمواقع، وبطء شبكات الاتصالات في بعضها ما يؤثر في فاعلية الرقابة والوقت المستغرق في إنجاز المهامّ.

بعد قبول نورة وزميلاتها وتأهيلهن للعمل مفتشات بيئيات في مدينة جدة، بدأت الدفعة بتدقيق وفحص الإجراءات الميدانية، ومراجعة الأنظمة واللوائح البيئية، والتأكد من وقوع المخالفة البيئية وما يتبعها من إجراءات يكفلها النظام، جميع ذلك كان كفيلاً بمنح المفتشات إلماماً وقدرة عاليتين في معرفة خفايا عالم التفتيش.

لم تقف حداثة تجربة المفتشات البيئيات عائقاً لاجتياز الدفعة الأولى لتحدياتها، مثل الوقوف داخل منشآت شديدة الحرارة في مناطق الصهر للمعادن، أو القرب منها لقياس كمية الانبعاثات الملوثة للهواء، وأخذ عينات من مخلفات لها طابع كيميائي عالي الانبعاث والخطورة.

من جانبها، قالت نورة لـ"أخبار 24" إن تحدي تلك الظروف المحفوفة بالتعرض للمخاطر البيئية، كان مدفوعاً بحافز شخصي وهو أن تسهم في حماية مدينتها ومجتمعها من أي مخاطر للتلوث. مؤكدة أن خبرتها المتراكمة خلال سنوات العمل وتنقلها بين مدن عدة، رفعا مستوى الطموح لتصبح إحدى المساهمات في حماية الأوساط البيئية في سماء وأرض المملكة.

نجاح تجربة الفتيات السبع أدى لتضاعف عددهن 6 مرات خلال عامين، وانعكس على نحو 400 من فريق المفتشين المتخصصين في ممارسة مهام يومية لحماية البيئة والموارد الطبيعية واستدامتها من أي ملوثات سلبية قد تؤثر على جودة الماء والهواء والتربة.