أن يشارك إنسان آلي في منصة لقادة أكبر صناديق الاستثمار العالمية تضم أكثر من 100 متحدث من رؤساء وصانعي السياسات والقرارات المالية عبر العالم، بل أيضاً إدارته لإحدى جلسات "مبادرة مستقبل الاستثمار" غداً في العاصمة السعودية "الرياض".. فهذا إن دل على شيء أقله أن يدل على عتبة ثورة تكنولوجية قد تصل في نهاية المطاف إلى تفوق الرجل الآلي بذكائه الاصطناعي على الإنسان.

لا عجب أن تكون الروبوت "صوفيا" متحدثا رئيسيا في فعاليات "Future Investment Initiative "، إذ أعلن صندوق الاستثمارات العامة صراحةً أن مستقبل التكنولوجيا والروبوتات والذكاء الاصطناعي ستشكل فحوى جلسات "مبادرة مستقبل الاستثمار".

وستغطي القمة قضايا حيوية، مثل تحديد الصناعات التى ستشهد تحولات جذرية عن طريق الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن للمجتمعات أن تشهد انتقالا "سلساً" للقوى العاملة لديها لاسيما أن هذا النوعِ من الروبوتات قد يفتح البابَ واسعاً أمام الشركاتِ للاستغناءِ عن البشر.

وهذا ما يشكل تأكيدا على رؤية الملياردير الياباني Masayoshi الذي نوه في خطابه الأخير بأن عدد الروبوتات القادرة على الإحساس والتفكير سيساوي عدد البشر بعد 30 عاما.

وترتكز هذه الرؤية على أن الإنسان الآلي سيهيمن على الكثير من وظائف اليوم، ما يعني الحاجة إلى الشركات التي تهتم بجمع أكبر عدد من البيانات لنصل إلى مستقبل يعتمد أكثر على الآلات والروبوتات.

وبالفعل، فإن معظم الشركات التي استثمر فيها صندوق "رؤية سوفت بنك"، الذي أُسس بالتعاون بين مجموعة "سوفت بنك" اليابانية وصندوق الاستثمارات العامة السعودي تماشيا مع رؤية السعودية 2030، لديها شيء مشترك وهو قدرتها على جمع البيانات بطريقة هائلة.

وإذا كان صندوق "رؤية سوفت بنك" يهدف إلى تعزيز الاستثمارات في القطاع التقني على مستوى العالم، ليكون أكبر الصناديق الاستثمارية في هذا القطاع باستثمارات تصل إلى 100 مليار دولار، فإن الترجيحات تتحدث عن إنشاء صندوق أكبر بضعفي حجم الصندوق الحالي.

هذه الفلسفة الاستثمارية تبرر الاستثمارات الأخيرة لصندوق رؤية سوفت بنك في شركات منها Mapbox للخرائط التفاعلية، وضخ 114 مليون دولار في شركة Brain Corp التي تعمل في مجال تصنيع الروبوتات، والتي يقع مقرها في San Diego.

كما استثمر صندوق رؤية سوفت بنك بقيمة 160 مليون دولار في شركة Nauto التي تعمل في مجال تطوير السيارات الذاتية القيادة في Silicon Valley ، بالإضافة إلى المشاركة في جولة تمويلية بقيمة 200 مليون دولار مع مستثمرين كبار آخرين، للاستثمار في شركة Plenty الرائدة في مجال الزراعة الأفقية، وSlack المختصة ببرمجيات الأعمال.

كم تبقى من الوقت لتحتل الآلات مكانك في العمل؟

هذا النهج الذي تتبناه السعودية في صميم رؤية المملكة 2030، تسير دولة الإمارات على الخطى عينها بعدما شكل الإعلان عن تعيين عمر بن سلطان بصفته أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي، مفاجأة للأسواق في خطوة "سباقة" في عهد الحكومات عالمياً.

في خضم هذه الخطوات المتسارعة، يطرح السؤال نفسه: كم تبقى من الوقت لتحتل الآلات مكان الموظفين في العمل؟ على ما يبدو فإن سائقي الشاحنات وتجار التجزئة سيكونون أول المستهدفين!

إذ تحذر دراسة حديثة أعدها باحثون في معهد مستقبل الإنسانية في جامعة أوكسفورد، بالتعاون مع باحثين في مشروع الذكاء الصناعي بالجامعة "إمباكتس"، ومعهد أبحاث الذكاء الآلي، أن على سائقي الشاحنات وتجار التجزئة التفكير جيدا في أدوارهم خلال العقدين القادمين، إذ من المتوقع أن تتمكن آلات الذكاء الصناعي من قيادة الشاحنات بحلول عام 2027، وتأدية مهام البيع بالتجزئة بحلول عام 2031.