تُولي المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان،ضيوف الرحمن – من الحجاج والمعتمرين – عناية فائقة تنبع من رسالتها الإسلامية ودورها الريادي في خدمة المسلمين حول العالم، ويأتي هذا تجسيدًا عمليًا لرؤية 2030، التي وضعت في أولوياتها تطوير منظومة الحج والعمرة عبر مشاريع وبرامج نوعية، وخدمات رقمية متقدمة، وتنظيمات حديثة، تهدف جميعها إلى الارتقاء بتجربة الزائرين وتحقيق أرقام قياسية في استقبالهم وخدمتهم.
وتُجسد هذه الجهود حرص المملكة على أداء شرف خدمة الحرمين الشريفين على أكمل وجه، حيث تستقبل سنويًّا ملايين الحجاج والمعتمرين من مختلف دول العالم، إلى جانب المواطنين والمقيمين، لأداء مناسكهم بكل يسر وطمأنينة، وقد انعكس هذا الحرص في إطلاق مشاريع عملاقة، وتطوير مستمر للبنية التحتية، وتحسين جودة الخدمات في جميع مراحل الرحلة الإيمانية.
وفي هذا الإطار، يأتي "برنامج خدمة ضيوف الرحمن" كأحد أبرز برامج رؤية 2030، ليُسهم في تحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة، حيث يتيح البرنامج منظومة متكاملة تشمل مرافق ذات جودة عالية، وبنية تحتية متقدمة، وخدمات رقمية ذكية، تواكب تطلعات الزوار من داخل المملكة وخارجها، وتُسهم في تحسين تجربتهم من لحظة التخطيط للرحلة حتى العودة إلى أوطانهم.
وقد أطلقت المملكة العديد من المبادرات النوعية ضمن هذا البرنامج، والذي شهد تطورًا لافتًا في البنية التحتية وتحسين جودة الخدمات، إلى جانب تعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، وتسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي في إدارة الحشود، ما انعكس إيجابًا على مؤشرات الرضا وسلاسة التنظيم.
كما أسهمت التحولات الرقمية في إحداث نقلة نوعية في تجربة الحج والعمرة، من خلال تطبيقات ذكية، ومنصات إلكترونية موحدة، وخدمات رقمية تُيسّر على الزائرين إجراءات التأشيرة، والحجز، والتنقل، والتوجيه داخل المشاعر المقدسة، وتُواصل المملكة الاستثمار في الحلول المبتكرة لضمان راحة وأمن ضيوف الرحمن، وتحقيق مستهدفات الرؤية في أن تكون تجربة الحج والعمرة سهلة وميسرة وتليق بمكانة الحرمين الشريفين.
أرقام قياسية في استقبال ضيوف الرحمن
شهدت المملكة قفزات غير مسبوقة في أعداد الحجاج والمعتمرين خلال السنوات الأخيرة، ففي إطار مستهدفات رؤية 2030، التي تهدف إلى رفع عدد المعتمرين إلى 30 مليون معتمر سنويًّا، تجاوز عدد المعتمرين من الخارج خلال السنوات الأخيرة حاجز الـ16.9 مليون، في مؤشر واضح على فاعلية الخطط التوسعية والجاهزية العالية لكافة القطاعات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن.
وبلغ عدد حجاج الخارج خلال العام الماضي 1445 أكثر من 1.6 مليون حاج، وسط منظومة متكاملة من الخدمات اللوجستية والصحية والتنظيمية، تم تنفيذها بكفاءة عالية رغم التحديات المناخية واللوجستية، وأسهم التحول الرقمي، وتقنيات إدارة الحشود في إنجاح الموسم وتحقيق نسب رضا عالية بين الحجاج، مما يعكس قدرة المملكة على إدارة الأعداد المتزايدة بأعلى درجات الاحترافية.
وفي المدينة المنورة، شهدت زيارة الروضة الشريفة في المسجد النبوي تنظيمًا دقيقًا باستخدام أنظمة الحجز المسبق عبر تطبيق "نسك"، والذي ساهم بشكل كبير في ضبط أوقات الزيارة وتوزيع الأعداد بما يضمن الانسيابية العالية، وسجلت الروضة الشريفة أرقامًا قياسية في عدد الزائرين خلال عام 1445 إذ بلغت 10 ملايين زائر بنسبة ارتفاع بلغت 26% عن عام 1444، فيما بلغت منذ بداية العام الجاري وحتى هذا الشهر أكثر من 13 مليون زائر.
منظومة طبية متكاملة لخدمة الملايين من ضيوف الرحمن
وضعت المملكة صحة ضيوف الرحمن على رأس أولوياتها، حيث وفرت وزارة الصحة خلال موسم الحج العام الماضي 40 ألف كادر طبي وإداري تم توزيعهم على مختلف المنشآت والمراكز الصحية، منهم أكثر من 5000 طبيب من مختلف التخصصات لتقديم الرعاية الصحية اللازمة والاستجابة السريعة لأي طارئ على مدار الساعة، في 189 منشأة صحية.
وقدمت الفرق الطبية الخدمات الصحية لأكثر من 390 ألف حاج، و465 خدمة علاجية تخصصية منها 141 ألفًا لغير المصرح لهم، وأجرى 1169 جلسة غسيل كلوي،و28 عملية قلب مفتوح، و720 قسطرة قلبية.
ولم تقتصر الاستعدادات على التجهيزات البشرية والمادية فقط، بل شملت أيضًا استخدام أحدث التقنيات الصحية والخدمات المؤتمتة، من بينها استمرار عمل مستشفى صحة الافتراضي والعيادات الافتراضية التابعة لها، التي تقدم خدمات الرعاية الصحية عن بُعد باستخدام تقنيات متطورة، كما يتم استخدام تطبيق "صحتي" لتقديم خدمات استشارية ومعلومات طبية للحجاج عبر الهواتف الذكية، إلى جانب أنظمة ومنصات إلكترونية متكاملة لإدارة البيانات الصحية للحجاج وتنسيق الجهود بين مختلف المنشآت الصحية، أيضًا يتم التنسيق مع الجهات المختصة لاستخدام طائرات الدرون لنقل وحدات الدم والعينات المخبرية بسرعة وكفاءة بين مستشفيات المشاعر المقدسة.
وفي إطار تعزيز الرعاية الطبية الطارئة، شاركت هيئة الهلال الأحمر بأكثر من 2540 من الكوادر الطبية الإسعافية والإدارية والقيادات النسائية، موزعين على 98 مركزاً إسعافياً في المنافذ وطرق الحاج والعاصمة المقدسة والحرم المكي الشريف والمشاعر المقدسة، بالإضافة إلى دعم قواتها البشرية من العاملين في الميدان بأكثر من 370 من أسطولها الإسعافي و 7 طائرات إسعاف جوي لضمان الوصول للحالات الإسعافية في أسرع وقت ممكن، كما حرصت الهيئة على تفعيل دور المستجيب الأول لتقديم الإسعافات الأولية قبل وصول الفرق الإسعافية وتفعيل الأدوار التطوعية.
طريق مكة.. رحلة الحج والعمرة ضمن رؤية 2030
تُعد مبادرة "طريق مكة" إحدى المبادرات الرائدة التي أطلقتها المملكة ضمن برنامج خدمة ضيوف الرحمن، أحد برامج رؤية المملكة 2030، إذ تهدف إلى تسهيل إجراءات دخول الحجاج والمعتمرين إلى المملكة، حيث تُمكنهم من إتمام إجراءات السفر من مطارات بلدانهم، مما يساهم في توفير وقتهم وجهدهم وتسهيل رحلتهم إلى الحرمين الشريفين، من خلال هذه المبادرة، تسعى المملكة إلى تقديم أفضل تجربة ممكنة لضيوف الرحمن بدءًا من لحظة مغادرتهم وحتى وصولهم إلى الأراضي المقدسة.
ففي حج 1445هـ، أنجزت مبادرة "طريق مكة" إجراءات 323 ألف حاج، مستفيدين من المبادرة التي نُفذت في صالات مخصصة في 11 مطارًا في 7 دول خلال 35 يومًا و922 رحلة من دولهم إلى مطارَي الملك عبدالعزيز الدولي في جدة والأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة.
وحققت مبادرة طريق مكة في عامها السادس، نجاحًا ملموسًا ودقة في سرعة إنهاء الإجراءات، حيث أسهمت 91محطة تقديم خدمة و43 حقيبة متنقلة و24جهاز كاونتر متنقل معزز بالذكاء الاصطناعي في تقليص إنهاء إجراءات دخول الحاج الواحد من 50 ثانية في عام 1444 إلى 40 ثانية في حج عام 1445.
" نسك " .. خدمات جليّة لقاصدي الحرمين الشريفين
تُعد منصة "نسك" نافذة رقمية موحدة أطلقتها وزارة الحج والعمرة لتيسير خدمات الحج والعمرة، ضمن مبادرات برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد برامج رؤية 2030، حيث يمكن الراغبين في أداء العمرة والزيارة من طلب إصدار تصاريح للدخول للحرمين الشريفين لأداء العمرة والزيارة والصلوات وفق الطاقة الاستيعابية المعتمدة من الجهات المعنية؛ لضمان توفير أجواء روحانية، وآمنة تحقق الإجراءات والضوابط الاحترازية الصحية والتنظيمية بالتكامل مع " تطبيق توكلنا " للتحقق من سلامة الحالة الصحية لطالب التصريح.
وتتيح منصة نسك الإلكترونية مجموعة متنوعة من الباقات للحجاج القادمين من أكثر من 126 دولة عبر خطوات سهلة وميسرة بدءاً من التسجيل فيها إلى مراجعة خط سير الرحلة، وتقدم نسك 6 باقات توفر جميع الخدمات الأساسية خلال الرحلة الإيمانية، إذ تتضمن (إصدار التَّأشيرة، والرحلات الجوية، والسَّكن في مكة والمدينة، والإعاشة، والنَّقل بين المدن، وخدمات المشاعر، والإرشاد) لضمان تجربة مريحة وميسرة لضيوف الرحمن.
وتمَّ تصميم الباقات وفئاتها بطريقة تُسهِّل لِلْحجَّاج عمليَّة الاختيار مع ضمان توفير الخدمات التي تتناسب مع خيارات ضيوف الرحمن المختلفة. إذ توفر باقتَا الأساسية والأساسية مع الانتقال جميع الخدمات لتجربة حج متكاملة بأسعار مناسبة بمدة سكن تصل لـ14 يوماً في فئة فنادق 3 و4 نجوم، وتوفر الباقات المتميزة والمتميزة مع الانتقال مزيجاً من الراحة والعملية، إذ تعد الباقتان نقطة الاتزان المثالية بين الراحة وسهولة الوصول للفنادق ذات الفئة 4 و3 نجوم بمدة إقامة تتراوح بين 10 و14 يوماً.
رؤية 2030.. نقلة نوعية في نقل ضيوف الرحمن: راحة، وأمان، وانسيابية
عملت المملكة على تطوير منظومة نقل شاملة وآمنة تغطي مختلف مراحل رحلة ضيوف الرحمن، من لحظة وصول الحجاج والمعتمرين إلى المنافذ وحتى مغادرتهم بعد أداء المناسك، وذلك في إطار التزامها بتحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي تسعى إلى رفع جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، وتيسير أدائهم للمناسك بكل راحة وسهولة.
وتُعد شبكة النقل الحديثة أحد أبرز العناصر التي تُسهم في تحسين تجربة الحجاج والمعتمرين، وتعزيز السلامة والانسيابية في تنقلهم بين المشاعر المقدسة، بما يعكس حرص المملكة على تقديم تجربة روحانية متكاملة تليق بمكانتها في خدمة الإسلام والمسلمين.
ويأتي ضمن منظومة النقل أحد أبرز مشاريع النقل الحديثة قطار المشاعر المقدسة، الذي يربط بين مشعر عرفات ومزدلفة ومنى، وقد أسهم في تقليص زمن التنقل وتخفيف الازدحام المروري، حيث ينقل ما يزيد عن 350 ألف حاج في كل موسم، بقدرة تشغيلية عالية وسرعة تنظيمية مدروسة.
وهيأت الهيئة العامة للنقل خلال حج العام الماضي أكثر من 27 ألف حافلة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، تشتمل على أكثر من 3,500 حافلة مخصصة لنقل الحجاج من وإلى المسجد الحرام عبر أكثر من 16 مسارًا وأكثر من 11 موقفًا ومحطة، إضافةً إلى تهيئة أكثر من 355 حافلة لخدمة النقل العام داخل مكة المكرمة، وكذلك أكثر من 27 حافلة داخل المدينة المنورة، إضافة إلى أكثر من 5 آلاف سيارة أجرة،لضمان توفير خدمة نقل شاملة وفعالة تلبي احتياجات ضيوف الرحمن خلال موسم الحج لهذا العام.
في مجال النقل الجوي، عززت الطاقة الاستيعابية لمطارَي الملك عبدالعزيز الدولي بجدة والأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة، إلى جانب تطوير إجراءات التفويج لتقليل فترات الانتظار،كما تُسهم مبادرة طريق مكة في تسهيل نقل الحجاج منذ مغادرتهم بلادهم وحتى دخولهم إلى الأراضي المقدسة، مما يجعل تجربة السفر أكثر سلاسة وتنظيمًا.
لا تقتصر جهود المملكة على تقديم الخدمات لضيوف الرحمن، بل تنبع من إيمان راسخ بأن خدمة ضيوف الرحمن شرف ومسؤولية تتشرف بها المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان،وقد ترجمت رؤية 2030 هذا الشرف من خلال "برنامج خدمة ضيوف الرحمن"، الذي يسعى إلى تيسير وصول الحجاج والمعتمرين، والارتقاء بجودة تجربتهم، وتحقيق التكامل بين مختلف الجهات؛ لتتحول رحلة الحج والعمرة إلى تجربة إيمانية وإنسانية وتنظيمية فريدة، تُجسد فيها المملكة أرقى معاني الرعاية والعناية، وتؤكد مكانتها الريادية في خدمة الإسلام والمسلمين.