كشف تحليل بيانات أنه رغم الفوائد والمميزات الكبيرة التي منحها الذكاء الاصطناعي للبشرية، إلا أنه يواجه تحدياً خطيراً للغاية، وهو الاستهلاك الكبير للطاقة، والذي سيفوق قريباً ما يستهلكه تعدين عملات بيتكوين، كما سيعادل إجمالي استهلاك الكهرباء في دولة صناعية كبرى مثل المملكة المتحدة بنهاية العام الحالي.

وأظهرت ورقة بحثية تحليلية، أجراها طالب الدكتوراه في معهد الدراسات البيئية بجامعة أمستردام، أليكس دي فريس جاو، حول كمية الكهرباء المُحتملة التي تستخدمها شركات الذكاء الاصطناعي للإجابة عن استفسارات المستخدمين، أن الذكاء الاصطناعي قد يستهلك ما يقرب من نصف إجمالي الكهرباء التي تستهلكها مراكز البيانات عالميًا بحلول نهاية عام 2025.

وبعد حساب كمية معدات الذكاء الاصطناعي المُتخصصة التي يُمكن إنتاجها، قارن الباحث ذلك بمعلومات حول كمية الكهرباء التي تستهلكها هذه الأجهزة، ووجد أن استهلاكها من الكهرباء في العام الماضي يُرجّح أن يُعادل استهلاك هولندا، ويتوقع أن يزداد هذا الرقم ليُقارب حجم استهلاك دولة مثل المملكة المتحدة بحلول نهاية عام 2025، حيث إن استهلاكه قد يصل إلى 23 جيجاوات كهرباء.

ووجد فريس جاو وباحثون آخرون يحاولون فهم استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة، أن كفاءته العالية في الاستخدام تواجه تحدياً بأن استهلاكه للكهرباء يتزايد، ولذلك تخطط شركات الطاقة لبناء محطات طاقة جديدة تعمل بالغاز ومفاعلات نووية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من الذكاء الاصطناعي.

ويمكن أن تُسبب الارتفاعات المفاجئة في الطلب على الكهرباء من قِبل الذكاء الاصطناعي ضغطًا على شبكات الكهرباء، كما تعرقل جهود التحول إلى مصادر طاقة أنظف، وهي مشاكل مماثلة تُطرحها مناجم العملات المشفرة الجديدة.

ورأى فريس جاو، أن هناك تشابهًا آخر بين الطاقة المستخدمة في تعدين العملات المشفرة ومقدار الطاقة التي تستهلكها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها البيئي، ومن المؤكد أن العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى التي تُطور أدوات الذكاء الاصطناعي قد وضعت أهدافًا مناخية، وأدرجت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في تقارير الاستدامة السنوية.

ووفق الباحث، فإن كل ما سبق يفسر أن البصمة الكربونية لكل من جوجل ومايكروسوفت قد ازدادت في السنوات الأخيرة مع تركيزهما على الذكاء الاصطناعي، لكن الشركات عادةً لا تُفصّل البيانات حتى لا تعزي الأسباب إلى الذكاء الاصطناعي تحديدًا.

وحذر من أن غياب الشفافية يصعّب تقييم التأثير البيئي، داعياً لمزيد من الرقابة والشفافية في مجال الذكاء الاصطناعي لإيقاف التكرار الضار لتعدين العملات الرقمية، كما أن كفاءة أعلى في الذكاء الاصطناعي لا تعني تقليل استهلاك الطاقة، بالإضافة إلى أن الطلب الزائد يجهد الشبكات ويعطل التحول للطاقة النظيفة.