في عالم يتسارع فيه نبض التكنولوجيا وتتصاعد فيه حدّة المنافسات الرقمية، تبرز رياضة العصر الجديد -الرياضات الإلكترونية- كواحدة من أضخم الصناعات العالمية التي تجمع بين الإثارة، والإبداع، والاستثمارات الضخمة.

في هذا الحوار الحصري، نناقش معالرئيس التنفيذي للرياضات الإلكترونية في مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية فيصل بن حمران، كيف تحوّلت السعودية إلى عاصمة لهذه الرياضة بفضل رؤية طموحة وتنظيم استثنائي.

من تحديات التنسيق العالمي إلى ابتكار "المفاتيح" الذي أذهل الجمهور، ومن دور الرياضات الإلكترونية في رؤية 2030 إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل اللاعبين...  حوار شامل يكشف كواليس واحدة من أضخم البطولات العالمية.

نحن الآن في مقر كأس العالم للرياضات الإلكترونية، ونشهد ضخامة هذا الحدث بدايةً، ما الذي يميز النسخة الحالية من البطولة؟

الحمد لله، نحن اليوم في النسخة الثانية من كأس العالم في السنة الأولى، حقق المشروع نجاحًا كبيرًا، وعملنا على تطوير النسخة الثانية لتحسين تجربة الجمهور والفعاليات المصاحبة، كبرت الفعاليات معنا هذا العام، وازداد التنسيق مع الناشرين والشركاء، كما انضمت إلينا جهات ووزارات ساهمت في إنجاح الفعاليات.

ما أبرز التحديات التي واجهتكم في هذه النسخة؟ وكيف تعاملتم معها؟

كأس العالم يتضمن أقوى 25 بطولة في العالم، مما يتطلب تنسيقًا مع جميع الناشرين. لدينا 2000 لاعب من 200 نادٍ وأكثر من 100 دولة، وكان التحدي الأكبر هو تنظيم التصفيات على مدار العام مع جدولة البطولة لتتناسب مع بطولات أخرى. لكن الخبرة المكتسبة سهّلت علينا هذه التحديات.

هل هناك تقنيات أو ابتكارات جديدة طُبقت في هذه النسخة؟

نعم، ركّزنا على تفاعُل الجمهور داخل الأرينا وحول العالم، من خلال مسابقات وتوقعات الفوز، كما عملنا على تقنيات البث لتعزيز التواصل بين المشاهدين والبطولة.

لفت نظرَنا فكرة "المفتاح" لكل لاعب وهي فكرة مبتكرة؛ هل يمكن أن تخبرنا المزيد عنها؟

أردنا تمييز كأس العالم بفكرة فريدة، فكانت "قصة المفتاح" التي تربط الجمهور بالبطولة حتى لو لم يكن على دراية باللعبة، ونجاح الفكرة في النسخة الأولى دفعنا لتطويرها في النسخة الثانية، حيث أصبح لكل بطل مفتاح مختلف.

كيف تساهم الرياضات الإلكترونية في تحقيق رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد؟

هناك استراتيجية وطنية للرياضات الإلكترونية تشمل جوانب اقتصادية كبيرة، مثل توفير 30 ألف وظيفة بحلول 2030، وجذب استثمارات ضخمة، كما أن استضافة كأس العالم عزّزت مكانة الرياض كعاصمة للقطاع، وجذبت شركات عالمية لفتح مكاتب هنا.

هل هناك مبادرات لاكتشاف مواهب محلية؟

نعم، أطلقنا مبادرات لدعم المواهب في التعليق، وصناعة المحتوى، والأزياء، وبعض المبتدئين شاركوا في التعليق على البطولات الرسمية، وسنستمر في دعمهم.

ما مدى تأثير استضافة البطولة على نمو وتطور قطاع الرياضات الإلكترونية في المملكة؟

الحمد لله، تُعَدّ المملكة العربية السعودية رائدة في هذا القطاع الواعد، حيث أسهم الدعم الكبير من قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- في تحقيق تقدم ملحوظ على مدى السنوات الماضية. واليوم نحصد ثمار هذه الاستثمارات من خلال ظهور مواهب وطنية متميزة من الجنسين، تفوق الأندية السعودية مثل فريق فالكونز في المنافسات العالمية، تطور الكوادر الوطنية في مجالات التحليل والتعليق ،تأثير إيجابي ملموس على المجتمع.

هل توجد خطة لجذب المزيد من الاستثمارات العالمية في هذا القطاع؟

بالتأكيد، لدينا استراتيجية شاملة تشمل مبادرات صندوق الاستثمارات العامة، برامج الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، الشراكة مع الناشرين العالميين، استضافة الفعاليات الدولية الكبرى، ونلمس إقبالاً كبيراً من الشركات العالمية مثل "كينق" التي تسعى للمشاركة في فعالياتنا.

ما استراتيجيتكم لدعم الفِرَق السعودية وتطويرها؟

ترتكز استراتيجيتنا على محورين رئيسيين، دعم 40 نادياً عالمياً من خلال برامج تسويقية وتدريبية، وتمكين الفرق السعودية عبر تنظيم التصفيات النهائية في الرياض، وتوفير برامج تطويرية متخصصة ودعم صناع المحتوى الرياضي وقد حققنا نتائج ملموسة في هذا المجال.

كيف تقيمون تفاعُل الجمهور مع البطولة؟

لقد فاق تفاعُل الجمهور كل التوقعات، حيث أظهر وعياً كبيراً بفعاليات البطولة ومعرفة دقيقة بالفِرَق واللاعبين حماساً يشبه ما نراه في المباريات الرياضية الكبرى، وهذا يؤكد نضج القطاع ونجاحنا في بناء قاعدة جماهيرية واعية.

كيف تقيمون سير الفعاليات من الناحية التنظيمية؟

حققت الفعاليات المصاحبة تطوراً نوعياً من خلال التنسيق المسبق مع الشركاء وتنظيم الفعاليات حسب التخصصات (أسبوع الألعاب القتالية، أسبوع كرة القدم الإلكترونية وغيرها).

ما أبرز ردود الفعل العالمية على التنظيم؟

تلقت البطولة إشادات عالمية لسببين رئيسيين: الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة مثل توقيت المباريات، ومراعاة الجمهور العالمي (مثال: توقيت نهائي بطولة "ليقو فليجن" ليتناسب مع مشاهدي آسيا) مما ساهم في ارتفاع معدلات المشاهدة عالمياً.

هل توجد مبادرات لاكتشاف المواهب المحلية؟

نعم، أطلقنا عدة مبادرات منها: نجوم الفعاليات" لدعم المواهب في مجالات التعليق الرياضي وصناعة المحتوى والأزياء التنكرية، وقد قدمنا فرصاً عملية للعديد من الموهوبين للمشاركة في البطولات الرسمية.

هل يمكن أن تصبح الرياضات الإلكترونية أولمبية؟

نعمل بشكل استراتيجي مع اللجنة الأولمبية لتحقيق هذا الهدف، حيث أظهرت الأولمبياد اهتماماً متزايداً بهذا المجال والمملكة شريك أساسي في هذه الجهود، نؤمن بأن الرياض ستلعب دوراً محورياً في هذا التحول.

كيف ترى تأثير التقنيات الحديثة على القطاع؟

نسخر التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي في تطوير أداء اللاعبين ، وتحليل الأداء وتحسين تجربة التعليق، مع الحرص على أن تكون هذه الأدوات داعمة وليس معيقة للإبداع البشري.

ما أبرز لحظة تفتخر بها في مسيرتك؟

تظل لحظة إعلان سمو ولي العهد -حفظه الله- عن تأسيس كأس العالم للرياضات الإلكترونية في أكتوبر 2023، اللحظة الأكثر تميزاً في مسيرتي، لما لها من أثر بالغ على تطوُّر القطاع وعليّ كشخص.

كلمة أخيرة للشباب الطامحين؟

أنتم جيل محظوظ يعيش في وطن يوفر كل الإمكانيات، فاستثمِروا في أنفسكم، واغتنِموا الفرص التي توفرها المملكة في هذا القطاع الواعد، ومستقبلكم -بإذن الله- سيكون مشرقاً.