ليس كلامًا عابرًا أو حديثًا يفتقد الدقة عندما نقول إن الذكاء الاصطناعي أصبح يهدد البشر وبعض وظائفهم، مثل خدمات الترجمة والتدقيق اللغوي والحسابي وخدمة العملاء وإدخال البيانات فضلاً عن بعض النواحي في التعليم.
ولكن ما بدا غريبًا هو اقتحامه مجال كتابة الشعر، وهو الفن الذي ابتكره الإنسان قبل آلاف السنين ليحفظ تاريخه ويوثقه ويكون وسيلة التعبير عن قضاياه.
فمن حضارة بلاد الرافدين، والمصريين القدماء، والحضارة اليونانية، مرورًا بالعرب قبل الإسلام وبعده، كان الشعر هو الوسيلة الاتصالية الوحيدة التي حفظت جزءًا كبيرًا من تاريخ الشعوب وتقاليدها وقيمها وآدابها ومروياتها.
في الحلقة الرابعة من "إلا جدل" نطرق هذا الباب ونتعرف على محاولات الذكاء الاصطناعي في كتابة الشعر الشعبي والفصيح، وآراء المختصين والشعراء حول تلك الظاهرة الجدلية وما يمكننا أن نسميه بـ "الشعر الاصطناعي".
في رصد لهذه الحالة كان المترجم والكاتب الفلسطيني سامر أبو هواش قد نشر مقالة في مجلة "المجلة"، تحت عنوان "تشات جي بي تي لن يكون وادي عبقر القرن 21"، أوضح من خلالها ارتباك البرنامج في كتابة الشعر، ووصف ما قدمه له "تشات جي بي تي" له "بفقر المخيلة"، وقد عزا أبو هواش سبب ذلك إلى النقص الفادح في المحتوى العربي على الإنترنت، حيث تعتمد هذه العمليات على الخزين والتجارب المتراكمة.
ويرى الشاعر المغربي محمد بلمو ما يحدث أنه نتيجة نزوع المختبرات الغربية والأمريكية تحديدًا في إحلال الآلة مكان البشر، الشيء الذي اعتبره مثيرًا للاستغراب والضحك.
ويقول الشاعر الكويتي الدكتور مشعل الزعبي في حديثه لـ"أخبار 24" إن الموضوع أبعد من سحب الذكاء الاصطناعي البساط من الشعراء، مرجحًا زوال الهدف الوظيفي من الشعر بحد ذاته مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي مستقبلاً.
ويرى الزعبي أن الشعر كان لإنشاده أسباب وأهداف معينة، انتفى بعضها بعد حلول وسائل إعلامية وترفيهية أخرى.
وعن تعصب الآلة وانحيازها؛ لم يستبعد الزعبي أن تكون مثل الإنسان وتتعصب لبرامجها وشركاتها، مؤكدًا على فكرة أنها "مستقبلة"، وهناك مَن يضبط ويراقب المدخلات فيها.
وفي "إلا جدل" قمنا بتجربة مع الذكاء الاصطناعي لكتابة أبيات بالشعر النبطي تكون مدحًا في صديق البرنامج "مخلد"... فهل ينجح الذكاء الاصطناعي في كتابة الشعر؟ وهل نصل لمرحلة أن نبحث عن الشعراء ولا نجدهم؟ أم أنه سيخفق ولن يعدو ما يكتبه من محاولات عن كونها "شعرًا هجينًا، ولقيطًا".