شهدت النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار توقيع اتفاقيات وتعهدات استثمارية تجاوزت قيمتها 50 مليار دولار، شملت مجالات الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة، والطاقة المتجددة، والبنية التحتية.

وحقق المؤتمر أرقامًا قياسية وتأثيرًا كبيرًا؛ مقدماً لرؤوس الأموال والابتكار والدبلوماسية العالمية التزامات كبرى ومشاركات غير مسبوقة، مُطلقًا في الوقت ذاته إشارة واضحة لبدء عصر جديد في الشراكة العالمية.

وحظيت النسخة بإعلانات رئيسة تتمثل في شراكات في مجال الطاقة المتجددة بين أكوا باور وأرامكو وشركات مرافق عالمية لتوسيع قدرات توليد الطاقة منخفضة الكربون، وكذلك مشاريع في مجال الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية للبيانات، تشمل شركات هيوماين وكوالكوم وبلاكستون وكيانات تقنية سعودية، لدعم إنشاء مرافق سيادية للحوسبة والتدريب على الذكاء الاصطناعي.

وأفاد محافظ صندوق الاستثمارات العامة، رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، ياسر الرميان، في افتتاح منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار، بأن منصة مبادرة مستقبل الاستثمار قد أتاحت حتى الآن صفقات تراكمية تجاوزت قيمتها 250 مليار دولار  منذ انطلاقها؛ مما يعزز طموح المملكة مركزًا استثماريًّا عالميًّا.

كما أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، خلال حضورها المنتدى،عن حزمة جديدة للتجارة والاستثمار بين المملكة المتحدة، ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بقيمة إجمالية بلغت 6.4 مليار جنيه إسترليني؛ مما يعزز التعاون التجاري والتكنولوجي المتقدم بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية.

وأكد المؤتمر المشاركة القوية المتعددة الأطراف، وعزز حضور كبار القادة بالولايات المتحدة ونائب الرئيس هان تشنغ، ورئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف، مكانة الحدث كحلقة وصل جيواقتصادية عالمية.

وتصدرت التكنولوجيا والابتكار المشهد؛ إذ ضمت هذه النسخة 52% من المتحدثين من قطاع التكنولوجيا، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والتكنولوجيا المتطورة، والبنية التحتية السيادية أصبحت الآن جزءًا لا يتجزأ من سردية الاستثمار.

وتجاوز دور النسخة التاسعة من المؤتمر هذا العام كونها مجرد مؤتمر، لتصبح منصة لمناقشة مستقبل الاستثمار العالمي، حيث شهد المؤتمر الشراكة بين القطاعين العام والخاص على نطاق واسع، إذ تلتزم الحكومات والقطاع الخاص كشركاء في ملكية أجندات التحول.

كما اتسم المؤتمر بالتنويع الجيواقتصادي، إذ تكون تدفقات الاستثمار أقل تقيدًا بالقنوات التقليدية المتمحورة حول الغرب، وتتوزع بشكل أكبر عبر الجنوب العالمي والشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي.

كما ارتكز المؤتمر في البنية التحتيةعلى التكنولوجيا أولاً، إذ توضع أنظمة الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السيادية، والتصنيع المتقدم، والطاقة الخضراء، كضرورات اقتصادية وطنية، وليست مجرد مشاريع خاصة.

وأشار المستثمرون والوفود العالمية من دول مثل المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، والصين، وروسيا إلى أن مبادرة مستقبل الاستثمار تقوم بدور محوري في تشكيل دبلوماسية الاستثمار في عصرنا.

ومع إسدال الستار على (FII9)، يتحول التركيز الآن إلى التطبيق والتنفيذ، حيث تتحول الصفقات المعلنة إلى تأثيرات قابلة للقياس تتمثل في توفير فرص العمل، ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وتطوير النظام البيئي للابتكار، وبناء بنية تحتية مرنة.

من جانبه، قال رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس التنفيذي المكلف لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار ريتشارد آتياس: "يجب أن يُتَحَقَّق من صحة سرد "إطلاق الازدهار" الآن من خلال الإنجاز، وبناء القيمة، والتعاون، والنمو الشامل، بما يتماشى مع مهمة المؤسسة المتمثلة في التأثير على الإنسانية".

يذكر أن المؤتمر انطلق في الرياض خلال الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر 2025 تحت شعار "مفتاح الازدهار"، وذلك بمشاركة أكثر من 9 آلاف ممثل، و600 إعلامي وألفي مشارك من 90 دولة، منهم وزراء ورؤساء تنفيذيون عالميون ومستثمرون ورواد أعمال في مجال التكنولوجيا، كما شارك 650 متحدثًا و20 رئيس دولة في 250 جلسة نقاش؛ مما يعكس مدى اتساع نطاقه الجيوسياسي.

وستواصل المملكة من خلال منصات رؤيتها 2030، الاستفادة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار كونها آليةً استراتيجيةً لعقد التجمعات الاستثمارية السيادية، ودبلوماسية الابتكار، والقيادة الإقليمية؛ وسيحول المشاركون العالميون الحوار إلى عمل، من خلال متابعة الالتزامات الثنائية، وتوسيع نطاق المشاريع المشتركة، وبناء الأنظمة البيئية التي تتعدى الرياض.