بين ملاعب أحياء المنطقة الشرقية.. كان يتنقل ببراءة طفل بحثاً عن المتعة.. لا يريد أكثر من لعب كرة قدم.. ولا يحلم بأبعد من انتصار يحققه فريقه على ملعب ترابي.
طرق الباب الرسمي للأندية عدة مرات.. اصطدم في الأولى برفض مدرب ناشئي الاتفاق الذي حال دون مرافقته لعلي الزبيدي.. وفي الثانية حالت رغبة المدير الفني للقادسية دون تسجيله.. وعاد مرة أخرى ليجد باب القادسية مغلقاً في وجهه.. أدار ظهره وعاد من حيث أتى.. وفي الثالثة قدم يسابق حلمه فوجد الأمور على ما يرام من ناحية القادسية، إلا أن الممانعة كانت من والده، الذي يرى أن المرحلة الثانوية أهم من كرة القدم.. لتأتي وساطة بدر الخميس لاعب النهضة وتحل الأزمة بعد عامين من المحاولة.
حالياً يرتدي شعار المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، ويطمح لأن يكون ضمن قائمة الأخضر في مونديال روسيا 2018 م، إنه الدولي عبدالرحمن العبيد لاعب فريق القادسية الأول لكرة القدم، الذي حل ضيفاً على “الرياضية” في حوار شيق جداً يحكي تفاصيل دقيقة، نترككم لتتعرفون عليها عبر السطور التالية:
ـ كيف بدأت حياتك الكروية؟
بدأت مثل أي لاعب من الحواري، بعدها خضت تجربة في الاتفاق لمدة ثلاثة أشهر وكنت وقتها في مرحلة الناشئين، لكن لم يقتنع الاتفاقيون بما قدمته، خاصة مدرب الفريق مجدي، وهي الفترة نفسها التي وجد خلالها اللاعب علي الزبيدي في الناشئين وعدت بعدها إلى الحواري من جديد.
ـ وكيف احتضنك القادسية؟
عن طريق عبدالكريم الدهامي، الذي قال لي إن القادسية بحاجة إلى ظهير أيسر، وإن هناك فترة لتجربة اللاعبين المستجدين "فئة الشباب"، ووقتها كنت طالباً في أحد معاهد اللغة، وكان السعودي خالد مبارك مدرب القادسية حينها، وأخذ مني كامل معلوماتي واتفقت معه على التوقيع، لكن الدراسة كانت عائقاً بالنسبة لي، وبعد الانتهاء من الدراسة عدت إلى القادسية، لكنني تفاجأت بوجود مدرب جديد من الجنسية الأوروبية، وكان هناك تدريب يجمع ناشئي القادسية مع المستجدين من فئة الشباب، وشاركت مع المستجدين وكان الحكم حينها المدرب بندر باصريح الذي أخبرني بين الشوطين بعدم رغبة المدرب في أي لاعب مستجد لصعوبة المرحلة، وإن الفريق مقبل على لقاء نصف النهائي لبطولة المناطق، وختم حديثه: أستطيع أن أخدم الفريق في الأعوام المقبلة، وخرجت من النادي بعد رفض والدي لوجودي في المرحلة الأخيرة من الثانوية.
ـ أمور متقلبة في تسجيلك، ماذا حدث بعدها؟
تدخل بعدها بدر الخميس لاعب النهضة الحالي وأقنع والدي، وبعدها تم تسجيلي في مرحلة الشباب في نادي القادسية وكل تلك الأحداث مرت على مدى عامين تقريباً.
ـ وما المميز في فترة وجودك في الفئات السنية؟
هو اختياري لمنتخب الشباب الذي كان يشرف عليه المدرب القدير خالد القروني، بعد أول عام شاركت فيه مع القادسية بعد صعودنا للدوري الممتاز للشباب في حينهـا.
ـ وكيف وصلت إلى المستوى الفني الذي تقدمه الآن؟
منذ أن انضممت إلى القادسية، شعرت أنه بيتي الثاني، في ظل تعاون الجميع، وقد نكون من الأندية القليلة الخالية من الحرب الداخلية بين اللاعبين، فالكل يشجع الآخر وهدفنا هو مصلحة النادي أولاً وأخيراً ، فكل تلك الظروف دفعتني لأقدم وزملائي كل ما لدينا من أجل القادسية.
أداء مقنع
ـ دعنا نتحدث عن الدوري، كيف تقيم القادسية بعد مرور الجولات الخمس الأولى؟
الفريق يسير بخطى ثابتة رغم تقلب النتائج، ويوجد نوع من الرضا على ما يقدمه الفريق منا كلاعبين ومن الإدارة، ومهما قدمنا فطموحنا أكبر.
ـ بماذا يختلف فريقك عن المواسم الماضية؟
الفريق يملك عناصر جيدة منذ وجودنا في الدوري السعودي للمحترفين قبل سبعة أعوام، وكان ينقصنا العنصر الأجنبي، وفي الموسم الجاري أجانب الفريق فعالون ويقدمون مستويات مميزة، وتعلمنا كثيراً من الموسمين الماضيين اللذين كنا ننافس فيهما على الهروب من الهبوط، ولهذا تعاهدنا وكلنا عازمون على إنهاء الموسم في مركز متقدم.
ـ ما هي أكثر مباراة ألمتكم، وتشعرون أنكم كنتم الأحق بنقاطها؟
مباراة الفيصلي، كنا الأقرب للظفر بالنقاط الثلاث، حيث أهدرنا فرصاً كثيرة ولم تحتسب لصالحنا ركلة جزاء واضحة في آخر الوقت، الأخطاء التحكيمية واردة، ولكن لا عذر لنا في إضاعة الفرص.
طموح كبير
ما هو طموح القدساويين في هذا الموسم؟
نسعى للوصول إلى أعلى سقف من النقاط، خصوصاً أن جدول الدوري مناسب لنا، على عكس الموسم الماضي الذي واجهنا فيه الفرق الكبيرة والمنافسة على التوالي، مما أدخلنا في دوامة خسائر سببت لنا نوعاً من الإحباط.
حالياً الفرصة مواتية لتحقيق نتائج أفضل والحفاظ على نسق معتدل، بدليل البداية التي انتصرنا فيها ثم خسرنا قبل أن نحقق فوزاً ثميناً على الاتفاق، وبعدها تعادلنا مع الفيصلي، والانتصار يجلب انتصاراً.
ـ ما الأثر الذي تركه ابتعاد عبدالله بادغيش المشرف العام على الفريق؟
بادغيش فرد من عائلة القادسية، وحقيقة قدم الكثير للاعبين وللنادي، وفي النهاية هو الذي يمتلك القرار، ولو لم ير أن ابتعاده لمصلحة الفريق لما ابتعد، لكن ابتعاده "صوري وورقي" فهو لايزال قريباً وداعماً مثالياً للفريق على وجه الخصوص.
غياب جماهيري
ـ ماذا عن جمهور القادسية؟ متى سيحضر بكثافة؟
جمهور القادسية وفي جداً، هذا الموسم يعتبر حضورهم أفضل بكثير، فالنتائج وحدها هي من تجبرهم على الحضور، فهم خير سند لنا بعد الله، وبإذن الله يحضرون بكثافة خلال الأيام المقبلة وهم ليسوا بحاجة لدعوة.
ـ من هو اللاعب الذي تخشى مقابلته؟
يجب ألا أخشى أي لاعب، وأن أكون جاهزاً رغم وجود لاعبين مميزين، لكن أخطر اللاعبين هم أصحاب المهارة العالية، مثل اليوناني فيتفا لاعب الأهلي الذي يلعب بالقدم اليسرى فهو يسبب إزعاجاً بالنسبة لي.
ـ هناك من يقول إن هدفك في مرمى الاتفاق بالصدفة، فهل هذا صحيح؟
بالتأكيد لا، فقد تمرست على تلك الكرات في التدريب، وكنت اللاعب الوحيد تقريباً الذي ينفذ الكرات الثابتة من ضربة الزاوية،وفي أحد التدريبات سألني ناصيف البياوي مدرب الفريق إن كان بإمكاني لعب الكرة مباشرة في المرمى فأجبته "لا أعدك لكني سأحاول، وبالفعل بدأت في التعود عليها ولكن قصة الهدف جاءت بعد ثوان من التأمل".
ـ وبماذا فكرت في تلك الثواني؟
التفكير جاء في أجزاء من الثانية، خاصة أن الوقت وصل إلى الدقيقة ٩٢ وقبلها تسببت في ضربة جزاء ضد فريقي، وكان الخوف ينتابني من عدم التوفيق في تنفيذ ضربة الزاوية باتجاه المرمى، ولكن استغللت إيقاف الحكم للمباراة للحديث مع اللاعبين بخصوص الاحتكاكات داخل منطقة الجزاء واتخذت القرار بتنفيذ الكرة في المرمى، ولله الحمد وفقت فيها، وأعتبر هذا الهدف من أجمل الأهداف في حياتي لأنني أحرزته في مرمى منافس تقليدي وفي وقت قاتل.
ـ ماذا أضاف لك الاحتراف في حياتك الكروية؟
احترفت منذ الموسم الثاني مع الفريق في "دوري الأولى"، والاحتراف يحفظ حقوقي من خلال اللوائح والأنظمة، على عكس أن أكون هاوياً فالأمور تكون مبنية على الثقة دون لوائح.
ـ لماذا لم تقبل العروض المغرية التي تلقيتها؟
تلقيت عروضاً شفهية من النصر والهلال والأهلي والاتحاد، وفي كل موسم يدخل القادسية مفاوضات وتنتهي فترة التسجيل ونعود للدوامة نفسها.
وفي سبتمبر الماضي تبقى على عقدي موسم ونصف، وكنت قريباً من الانتقال بعد الأزمة المالية التي مر بها القادسية، لكن القدساويين لم يتخلوا عني وأعطوني ما أستحقه وجددت معهم لموسمين ونصف إضافيين، بعد دراسة العرض المقدم من قبل إدارة معدي الهاجري وأنا الآن لاعب قدساوي حتى ٢٠٢٠.
ـ ولو خيرك القادسية بين الأندية التي قدمت لك عروض الانتقال، من تختار؟
"ابتسم قبل أن يجيب".. سؤال محرج جداً، لكننا نعيش في زمن الاحتراف وبالتالي أي لاعب سيبحث عن مصلحته في المقام الأول ويدرس كافة العروض ويختار الأقوى، فنحن لاعبون محترفون، الاحتراف وظيفتنا، وشخصياً سأبذل قصارى جهدي في أي ناد أوجد فيه، ويشرفني أن أكون في أي ناد بالدوري السعودي.
ـ وماذا عن السيارة التي تردد حصولك عليها هدية من أحد المؤثرين في النصر؟
كلها إشاعات، وأنا أتحدى أي شخص أن يثبت أنه أهداني سيارة أو مبلغاً مالياً أو حاول الضغط علي، فالاحتراف يمنع أن يتحدث أي شخص مع لاعب محترف لم يدخل الفترة الحرة، وأنا من منبر “الرياضية” أنفي كل ما أشيع ومستعد لمواجهة أي شخص لإثبات ذلك، وسيارتي "البورش" اقتنيتها من حر مالي.
حلم المونديال
ـ هل تعتقد أنك ستكون ضمن القائمة الأساسية لمونديال روسيا؟
بلا شك المنافسة ستكون صعبة، وكل لاعب يحلم بالمونديال. وأنا سأبذل كل ما لدي، وأعتبر هذا الموسم استثنائياً بالنسبة لي، على أمل نيل هذا الشرف.















































