أكد وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم أن العائد الحقيقي من رؤية السعودية 2030 كبير وملموس، وتثبته الأرقام المتحققة خلال السنوات الماضية. وقال إن 74 نشاطاً اقتصادياً حقق نمواً سنوياً تجاوز 5%، منها 37 نشاطاً نما بأكثر من 10% من أصل 81 نشاطاً في القطاع غير النفطي خلال السنوات الخمس الأخيرة.
يوجد انتقال واضح من "الإنجاز بأي تكلفة" إلى "الإنجاز بالتكلفة الصحيحة"
وأوضح، خلال جلسة حوارية في ملتقى ميزانية 2026، اليوم (الأربعاء)، أن الاعتماد على النفط في تحريك الاقتصاد انخفض من نحو 90% إلى 68%، نتيجة اتساع مصادر النمو وارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية التي سجلت مستوى قياسياً بلغ 56% من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. كما حقق الاقتصاد غير النفطي نمواً تراكمياً يفوق 30% منذ عام 2016، متفوقاً على الاقتصادات المتقدمة التي نمت أقل من 20% خلال الفترة ذاتها.
وأشار الإبراهيم إلى أن مرحلة الميزانية الحالية تأتي ضمن رحلة طويلة لتعزيز هيكل الاقتصاد، مع فرصة كبيرة خلال السنوات الخمس المقبلة للبناء على النجاحات المحققة وتسريع إعادة هيكلته، مؤكدًا وجود انتقال واضح من “الإنجاز بأي تكلفة” إلى “الإنجاز بالتكلفة الصحيحة”، بما يعظم الأثر ويعزز الكفاءة، مستشهداً بنماذج في قطاعات الصحة والمياه والكهرباء.
وأضاف أن دور القطاع الخاص بات أكثر بروزاً، إذ ارتفعت مساهمته من 38% إلى 50%، مع توقعات بتوسّع أكبر مستقبلاً.
ولفت إلى ثلاث ركائز لتعزيز مشاركة القطاع الخاص: وضوح الفرص طويلة المدى، وبيئة تنافسية قوية، إلى جانب تقدم ملحوظ في التوطين، حيث ارتفع التوطين في صناعة الأدوية من 20% إلى 35%، وفي الصناعات العسكرية من 4% إلى أكثر من 20%.
وقال إن المرحلة المقبلة لا تركز فقط على تحقيق “نمو كمي”، بل على جودة هذا النمو عبر الابتكار والاستثمارات النوعية ومشاركة أكبر من القطاع الخاص، ما سينعكس بشكل مباشر على دخل المواطن ويسهم في بناء اقتصاد مستدام ومتوازن.
الذكاء الاصطناعي سيكون المسرّع الأكبر لنمو الأنشطة غير النفطية
وكشف الإبراهيم عن تعزيز القدرات المؤسسية للحكومة من خلال آليات استباقية لرصد التغيرات في العرض والطلب واقتراح التدخلات المناسبة، مستشهداً باستحداث وحدة في وزارة الاقتصاد لمتابعة تحركات السلع والخدمات وتأثيرها في التضخم.
وحول التوقعات، أوضح أن نمو القطاع غير النفطي سيستمر بوتيرة تتراوح بين 4.5% و6% خلال المرحلة المقبلة، مدعوماً بفتح المجال أمام القطاع الخاص، والدخول في شراكات حقيقية طويلة المدى، وتوجيه السياسات نحو القطاعات الأعلى إنتاجية وأعلى قيمة مضافة.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي سيكون “أكبر المسرّعات” لنمو الأنشطة غير النفطية عبر رفع الإنتاجية وجذب الاستثمارات الدولية والمحلية واستقطاب المواهب والمبتكرين. واعتبر أن شركة “هيومين” ستكون نواة لكيان قادر على قيادة اقتصاد المستقبل كما قادت أرامكو اقتصاد الطاقة لعقود.
وفي جانب البنية التحتية، أكد الإبراهيم أن المملكة — بما تملكه من مساحة قارية وطموح لربط القارات — ستشهد فرصاً استثمارية ضخمة تتراوح بين 3.5 و4 تريليون ريال خلال 7 إلى 10 سنوات، مع اهتمام عالمي متزايد بالاستثمار في هذا القطاع الذي أصبح من أكثر الأصول نمواً.
وأوضح أن تطوير البنية التحتية وفق “التكلفة الصحيحة” يعزز جذب رؤوس الأموال، ويرفع الإنتاجية، ويخفف الضغط على الميزانية، ويدعم تنافسية الاقتصاد عبر تقليل وقت وكلفة سلاسل الإمداد، إلى جانب خلق وظائف نوعية وتوسيع دور القطاع الخاص في قيادة التنمية.































