كشف وزير العدل الدكتور محمد العيسى، أن "المحكمة العليا تعمل على تدوين ونشر المبادئ والسوابق القضائية" مؤكدا على أنه "لا يوجد فراغ في الوسط القضائي، حيث هو على علم تام بالمبادئ والسوابق القضائية"، ومشيرا إلى أن هيئة كبار العلماء، أجازت تدوين الأحكام القضائية بضوابط شرعية وضمانات إجرائية.

وقال خلال ندوة صحيفة في جريدة "الجزيرة" السعودية، "سئلت حول هذا الأمر خارج المملكة من قِبل أحد المحامين في الاتحاد الدولي للمحامين، وكان بريطانيا فقلت له في بريطانيا دستور لم يدون !! وكانت إجابته: إن دستور بريطانيا لم يدون لأنه يجب أن يكون في ضمير الأمة البريطانية وليس على الورق فقط".

وأضاف "أخبرته أن أحكامنا كذلك، هي مستمدة من دستورنا وهي أحكام الشريعة الإسلامية وهي في وجدان العموم فضلاً عن الوسط القضائي والحقوقي".

وكشف عن توجه وزارته لتطوير إدارة الأسرة، وهي إدارة قائمة في الوزارة، تعنى بشؤون المرأة وتقديم المعونة القضائية لها، إلى وكالة متخصصة. مبينا أنه تم تخصيص 300 وظيفة نسائية في ميزانية هذا العام، على أن يتم طلب 1000 وظيفة، في وقت لاحق استعدادا لفتح أقسام نسائية، لإسناد المرأة ومساعدتها في عمل المحاكم وكتابات العدل.

ورد الوزير على سؤال حول قضايا الرأي ومدى استقلالية القضاء في التعاطي معها، بقوله: "أؤكد أنه لا يوجد لدينا قضايا رأي.. أقول هذا عن علم ودراية وأبيّن الآتي: الرأي المجرد متاح للجميع، فإذا كان الرأيُ متجرداً وموضوعيا وغير مخلٍّ بالنظام العام للدولة، ولا الإساءة بالوجدان أو اللحمة الوطنية فإنه مرحب به".

واستطرد: "لكن إذا كان غير ذلك فإنه يتم التعامل معه وفق مقتضيات الشرع والنظام حيث المحافظة على اللحمة وتحصين الرأي العام من التضليل والإساءة لمفاهيمه وتحريك مشاعره تجاه دولته بفعل الآراء السلبية".

واستشهد بمنع دولة غربية كبرى، قبل أيام دعاة من الدخول إليها لأنهم مثيرون للجدل، أي يؤثرون على الرأي العام ووجدان ذلك البلد، مضيفاً "ما يسمى بحرية الرأي هي بدعة مستوردة إذا ناسبت البعض أخذ بها وفي مقابلها بدع أخرى في سياقها ترفض على أساس أنها من الوافد الغربي على قيمنا وإسلامنا".

وأضاف "إذا كان هناك رأي مجرد وموضوعي فهو مرحب به، وإذا كان مرتجلاً قولاً باللسان وفيه الإساءة للمؤسسات العاملة وحتى للأشخاص، دون أن يملك أيَّ بينة عليه أمام القضاء فهو يحاسب عليه"، مشيرا إلى "أهمية التفريق بين الحرية والفَوضى، والحرية والإخلال بالنظام العام والتأثير على الوجدان العام".

وخاطب الوزير الحضور قائلاً: "من لديه وقائع أخرى في هذا الموضوع - يقصد ما توصف بقضايا الرأي - فأنا على استعداد كامل لإيضاح الأمر له".

وتابع "البعض تحدث بعاطفة حول بعض القضايا وحين تم إطلاعه على وقائع القضية أمسك برأسه من هول ما عرف! للأسف أن البعض يريد أن يكيف أي قضية باعتبارها قضية رأي بينما هي قضية أخرى جنائية بل متوغلة في الجانب الجنائي".

وفي جانب التعدد المذهبي في المحاكم السعودية، قال "معيار القضاء هو الكفاءةُ، والحكم العادل على أي رأي فقهي كان"، موضحا أن "هناك العديد من المبادئ القضائية تخالف جملة وتفصيلاً مذهب الحنابلة، معمول بها في السعودية، وتشمل الحكم بآراء فقهية في كافة المذاهب الأربعة بدون استثناء".

وحول تذمر وزارة العدل من النقد قال "يجب على الناقد أن يستطلع من الوزارة عما لديه من استفسارات وإيرادات، وأن تكون لديه قاعدة معلومات مستوفية قبل النقد، والمكابرة في هذا لا نسمح بها مثلما لا يسمح غيرنا، فسمعة الجهاز مهمة ولا أصعب أن يتعرض جهاز بحجم مرفق العدالة لنقد خال من الحقائق أو متجاهل للواقع".

وعن نقد الحكم القضائي، قال "لا يجوز بأي حال من الأحوال؛ لأنه إذا كان ابتدائياً فلا يجوز الحديث عنه، أما إذا كان الحكمُ نهائياً فلا يجوز نقد حكمٍ نهائيٍّ أصبح واجب النفاذ شرعاً ونظاماً، مهما كانت وجهة نظر المنتقد، إلا ما كان في سياق الدراسة والتحليل العلمي دون الإساءة للحكم والتشكيك فيه".

وحول تفاوت الأحكام من منطقة لأخرى رغم أن القضية قد تكون متشابهة، قال العيسى: "التفاوت في الأحكام وارد في نطاق محدود في القضاء المشمول بالاستئناف أو الطعن أمام المحكمة العليا، وهي المعنية برد أي حكم يخالف المبادئ القضائية، ما لم تقتنع بوجهة النظر المخالفة والملزم من تصدر منه أن يسببها".