مع دخول التصعيد الإسرائيلي الإيراني أسبوعه الثاني، استمرت عمليات القصف المتبادل اليوم (الجمعة)، وذلك بالتزامن مع محادثات مرتقبة يجريها وزراء خارجية أوروبيون في سويسرا مع نظيرهم الإيراني عباس عراقجي، سعيًا للتوصل إلى تسوية دبلوماسية للحرب، فيما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سيتخذ قرارًا بشأن تدخل أمريكي ضد إيران خلال أسبوعين.
أضرار في بئر السبع بجنوب إسرائيل
وفي وقت مبكر من اليوم، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرًا جديدًا من هجوم صاروخي إيراني، وتسبب صاروخ واحد على الأقل في أضرار في بئر السبع بجنوب إسرائيل، كما دوت صفارات الإنذار في مناطق إسرائيلية عدة.
وسقط الصاروخ بالقرب من شقق سكنية ومبانٍ بها مكاتب شركات ومنشآت صناعية، وخلف حفرة كبيرة ودمر واجهة مجمع سكني واحد على الأقل وألحق أضرارًا بواجهات مبان أخرى.
وقال مسعف "حدثت ضربة مباشرة بجوار أحد المباني، الأضرار هنا (كبيرة) للغاية"، فيما عرضت هيئة البث العامة الإسرائيلية لقطات تُظهر سيارات مشتعلة وأعمدة كثيفة من الدخان ونوافذ محطمة في المباني السكنية.
وذكر المسعف أن ستة أشخاص على الأقل أصيبوا بجروح طفيفة مضيفًا أن المسعفين ما زالوا يبحثون في الشقق السكنية عن مصابين أو قتلى.
إسرائيل: سنكثف هجماتنا على رموز إيران
وعقب ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان اليوم، إنه أصدر توجيهات للجيش بتكثيف الهجمات على "رموز النظام" في العاصمة الإيرانية طهران بهدف زعزعة الاستقرار.
واليوم أيضًا، أعلنت شركة ميرسك الدنماركية، ثاني أكبر شركة شحن بحري في العالم، تعليق جميع رحلات سفنها إلى ميناء حيفا الإسرائيلي بسبب الحرب بين إيران وإسرائيل.
وقالت الشركة في بيان إنه "في سياق النزاع الجاري بين إسرائيل وإيران، وخاصة في ما يتعلق بالمخاطر المحتملة المرتبطة بالتوقف في الموانئ الإسرائيلية والعواقب المترتبة على ذلك على سلامة أطقم سفننا، فقد اتخذنا قرارًا بتعليق عمليات توقف السفن التي تشغّلها ميرسك في ميناء حيفا بشكل مؤقت".
استهداف عشرات الأهداف في طهران
من جانبه، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه ضرب عشرات الأهداف في طهران ليلاً، شملت على حد قوله "مركز أبحاث وتطوير لمشروع الأسلحة النووية الإيراني".
ووجهت إسرائيل عبر منصة "إكس" تحذير إخلاء إلى سكان منطقة في شمال إيران قبل "هجوم على البنية التحتية العسكرية"، فيما أفادت السلطات المحلية الإيرانية بوقوع انفجار في المنطقة الصناعية بمدينة رشت في شمال إيران.
فيما قالت هيئة البث العامة الإسرائيلية "راديو كان" ووسائل إعلام محلية أخرى، إن عالمًا نوويًا إيرانيًا قُتل في قصف مبنى في طهران اليوم.
من جانبها، ذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن هجومًا إسرائيليًا بطائرة مسيرة استهدف بناية سكنية وسط طهران، فيما تصدت الدفاعات الجوية لهجمات أخرى، وشاهد سكان العاصمة من أسطح منازلهم أضواء حمراء في السماء مع تفعيل الدفاعات الجوية.
تظاهر آلاف الإيرانيين في العاصمة طهران
وتظاهر آلاف الإيرانيين في العاصمة طهران (الجمعة)، تنديدًا بالهجمات الإسرائيلية على بلادهم، ورددوا شعارات دعم لقادتهم، حسبما أظهرت مشاهد بثها التلفزيون الرسمي.
وقال مذيع الأخبار إن "هذه جمعة تضامن ومقاومة الأمة الإيرانية في جميع أنحاء البلاد"، وأظهرت اللقطات متظاهرين يرفعون صورًا لقادة قُتلوا منذ بداية الحرب مع إسرائيل، بينما لوّح آخرون بأعلام إيران.
في السياق ذاته، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أنه تم اعتقال "عميل للموساد" أرسل معلومات عن منشآت للدفاع الجوي إلى إسرائيل باستخدام تطبيق واتساب.
جهود دبلوماسية في جنيف لوقف الحرب
دعت دول الترويكا الأوروبية (فرنسا، ألمانيا، بريطانيا) والاتحاد الأوروبي إلى ضرورة العودة للمسار التفاوضي مع طهران بهدف منعها من امتلاك السلاح النووي، محذرين في الوقت ذاته من تبعات استمرار التصعيد العسكري على أمن المنطقة واستقرارها.
وأكدوا في بيان مشترك صدر عقب محادثات استمرت ثلاث ساعات بين وزراء خارجية الدول الثلاث ونائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن الحل السياسي لا يزال ممكنًا، وأن المسار التفاوضي هو السبيل الوحيد لضمان عدم امتلاك إيران للسلاح النووي، مشيرين إلى أن التوسع المستمر في برنامج طهران النووي لا يخدم أغراضًا مدنية واضحة أو موثوقة، ما يثير قلقًا أوروبيًا متصاعدًا.
وشدد البيان على أهمية ضبط النفس من جميع الأطراف، داعيًا إلى تجنب أي خطوات قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد، في ظل استمرار الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران لليوم الثامن على التوالي، والتي باتت تثير مخاوف حقيقية من انزلاق الصراع إلى مواجهة أوسع لا يمكن احتواؤها بسهولة.
وفي تأكيد على دعم الجهود الأمريكية، رحّب وزراء الخارجية الأوروبيون بالمبادرات التي تبذلها واشنطن لإحياء المفاوضات، مؤكدين انفتاحهم على عقد جولة جديدة من المحادثات في المستقبل القريب، معربين عن أملهم في أن تبدي طهران مرونة في التعاطي مع هذه الجهود.
من جانبها، دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إلى ضرورة إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع إيران، مؤكدة أن الحوار لا يزال الخيار الأنجع لاحتواء الأزمة النووية، فيما عبّر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، عن تطلعاته لانفتاح إيران على النقاش، بما يشمل الجانب الأمريكي، بهدف الوصول إلى تسوية دبلوماسية شاملة.
وأكد وزير الخارجية الألماني بدوره على وجود "استعداد جوهري" لدى إيران لمواصلة المحادثات، مشددًا على ضرورة أن يكون للولايات المتحدة دور فاعل في هذا المسار، في حين أشار وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، إلى حرص بلاده على استمرار الحوار مع إيران، خاصة بعد محادثات جنيف الأخيرة، داعيًا طهران إلى استثمار هذه اللحظة السياسية لتجنب التصعيد.
في المقابل، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استعداد بلاده "للنظر" في العودة إلى المفاوضات، مشيرًا إلى أن ذلك مرتبط بما وصفه بوقف "العدوان الإسرائيلي"، في موقف يعكس تمسك إيران بشروطها المسبقة رغم انفتاحها الظاهري على استئناف الحوار مع الأوروبيين.
ترامب: إيران كانت على بعد أسابيع من امتلاك سلاح نووي
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن إيران كانت على بُعد أسابيع فقط من امتلاك سلاح نووي"، مؤكدًا أن الأوضاع الحالية لا تتيح إمكانية واضحة لوقف القتال بين طهران وتل أبيب.
وأضاف ترامب أن إسرائيل تبلي بلاءً حسنًا على الصعيد العسكري، بينما تعاني إيران بشدة"، مشيرًا إلى صعوبة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الوقت الراهن، خاصة في ظل استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية داخل العمق الإيراني.
وأشار ترامب إلى أنه لا يرى حلاً قريبًا لوقف التصعيد، قائلًا: "لا يمكنني حسم القرار بشأن إيران الآن، ولا أعرف كيف يمكن وقف القتال"، مضيفًا: "من الصعب حاليًا تقديم طلب لإسرائيل بوقف الغارات".
ولفت الرئيس الأمريكي إلى أنه منح الإيرانيون مدة لرؤية ما إذا كان الإيرانيون سيعودون إلى رشدهم أم لا.
وشدد ترامب على أن طهران "لا تريد الحديث مع أوروبا، بل معنا"، مؤكدًا أن واشنطن هي الطرف الوحيد القادر على إدارة حوار حقيقي مع إيران في هذه المرحلة. واختتم تصريحه بالقول: "سنتحدث مع إيران، وسنرى ما الذي يمكن أن يحدث بعد ذلك".