تشكل مهنة تحضير منتجات الألبان واحدة من الموروثات والمهن القديمة التي تتفرد بها المرأة في المنطقة الشمالية لتحفظ معها التراث الوطني.
وتستخدم النساء في الشمال أدوات تقليدية بسيطة لتحضير منتجات الألبان لتعكس ارتباطهن العميق بالبيئة والموروث المحلي، حيث تُمثّل هذه الصناعات نافذة مفتوحة على تراث الأجداد مستمدة من إرث جماعي غني بالتجارب والروابط المجتمعية.
وفي ظل دعم البرامج الحكومية، جرى إطلاق "عام الحِرف اليدوية 2025" برعاية وزارة الثقافة، ليكون محطة فارقة في إبراز الموروث المحلي، في ظل ما شهدته مختلف مناطق المملكة ومنها الحدود الشمالية من فعاليات متنوعة من معارض وأسواق وورش عمل تعليمية وتوثيقية سلطت الضوء على الإبداع الشعبي وأهمية الحِرف التقليدية.
وتعد صناعات الألبان من الصناعات القديمة، حيث تقوم المرأة بجميع مراحل هذه الصناعة بدءًا من حلب الماشية وجمع الحليب في وعاء مصنوع من جلد الغنم، وتركه ليتخثر في درجات حرارة متفاوتة، ثم يُرجّ مرارًا حتى تنفصل الزبدة عن اللبن، من ثم تُستخدم الزبدة لتحضير السمن.
كما ترتبط هذه العملية بأهازيج نسائية شعبية تؤديها النساء أثناء عملية الخضّ، ما أضفى عليها طابعًا فنيًا وثقافيًا مميزًا، وبه اشتهرت المنطقة بصناعات غذائية أخرى من منتجات الألبان.
وتعمل العديد من الأسر بالمنطقة في هذه الصناعات، وذلك في إطار الحفاظ على الموروث وتحقيق الاكتفاء الذاتي، كما أن بعضها استطاع تحويل هذه المنتجات إلى مصدر دخل عبر تسويقها ضمن برامج الأسر المنتجة.
ويجرى تحضير الخاثر من خلال غلي الحليب ثم يُضاف إليه القليل من خاثر جاهز، ويُترك في مكان دافئ حتى يتكون الروب أو الزبادي وبعدها يُبرّد ليُحفظ ويُستهلك لاحقاً.
بينما تحرص الأسر المنتجة والحِرَفيات على المشاركة في الفعاليات والأسواق والمهرجانات التي تنظمها الجهات الحكومية والأهلية، لعرض منتجاتها التراثية والمشغولات اليدوية، بهدف دعم دخولها وتسويق منتجاتها وتوسيع دائرة المهتمين بالموروث المحلي.
وتعكس هذه الممارسات التراثية عمق العلاقة بين الإنسان والمكان، وتجسد كيف تحوّلت الصناعات التقليدية من مهن منزلية إلى عناصر فاعلة في التنمية الاقتصادية والثقافية، تحت مظلة رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى صون الهوية الوطنية وتحقيق الاستدامة المجتمعية.
**carousel[9476911,9476909,9476910,9476912]**