حذر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأن هناك خطرا على فلسطينَ وشعبِها ولاجِئيها في الشتات، مشيراً إلى أن إسرائيلُ وأميركا تسعيان إلى إخراجِ فلسطينَ من دائرة الأولويات.
هذا التحذير في خطاب متلفز ألقاه السيد نصر الله لمناسبة الذكرى السنوية للقادةِ الشهداء.
السيد نصرالله حذّر من تصفيةِ القضيةِ الفلسطينية، كما حذَّر من مخاطر إسرائيلَ ليس فقط على القضية الفلسطينية وإنما أيضاً على لبنانَ والعالم العربي. وكان واضحاً عندما وازى بين إسرائيلَ والإرهاب التكفيري الذي يتبنَّى فكراً إلغائياً.
أمين عام حزب الله خاطب الإسرائيليين مؤكداً على أنَّ المقاومةَ تزداد خِبرةً وكفاءة وهي على جهوزيتِها لمواجهة أيِ عدوان. وتوجَّه إلى شركاءِ الوطن داعياً إلى التنبُّهِ من كلِ المخاطر المُحدِقة بلبنان لأنَّ الجميعَ مستهدَف، مؤكِداً أنَّ مشاركة َحزبِ الله في الحرب الدائرة في سوريا إنما كانت لدَرءِ الخطرِ عن لبنانَ وأهلِه. ومن هذا المنطلَق حثَّ السيد نصر الله على متابعةِ ما يجري من حرب بين داعش وجبهة النصرة وتنظيمات ٍاخرى في سوريا عن كثب واخذ العبر منها لتوخي المستقبل.
وتوجه السيد إلى اللبنانيين والفصائل الفلسطينية بالقول "لا يجب فقط إصدار إدانات لأن هناك من يريد استعمال الفلسطيني للوصول الى النتائج التي تحدثت عنها، اقول لكل الشرفاء في منطقتنا اذا اردتم ان تضيع الفرص على اسرائيل وتمنعوا ذهاب المنطقة الى فتنة اوقفوا الحرب على سوريا واخرجوا المقاتلين من سوريا وبالتأكيد يومها لن نبقى نحن في سوريا، ويجب جميعا وقف الحرب على سوريا حفاظا على لبنان وفلسطين وسوريا والامة".
وفي الشأن اللبناني الداخلي شدد نصرالله على أن أهمية الشراكة واللقاء بين اللبنانيين وتحصين الوضع الداخلي بمواجهة الفتن. وقال "نتطلع الى حكومة ونريد لها ان تكون حكومة تلاقي، واليوم بكل جدية اقول اننا ذاهبون الى الحكومة ليس بنية عداوات او خصومات، نحن نأمل ان نذهب الى حكومة تلاقي وتفاهم وحوار ونقل المشكلة من الشارع وتخفيف حدة الخطاب السياسي والاعلامي في البلد وهذا من مصلحة الجميع ونحن نذهب للحكومة بهذه الروحية الايجابية".
السيد نصرالله قسم كلمته إلى ثلاثة عناوين، هي العنوان الإسرائيلي، والمواجهة القائمة في المنطقة وأخطارها، والحكومة الجديدة، وأسف في بداية كلمته لـ"غياب العرب عن دورهم في مواجهة العدو الإسرائيلي وخطره، وتهديداته جميع شعوب المنطقة العربية والإسلامية وإستفادته القصوى، مما يحدث في المنطقة، بمساعدة ودعم الإدارة الأميركية".
وقال: "هناك خطر على فلسطين وشعبها ولاجئيها في الشتات، وغياب أي إهتمام بها"، متحدثا عن "إخراج فلسطين من دائرة الأولويات، وفقا لما تريده إسرائيل وأميركا، وأيضا الى العمل الجاري لإخراجها من دائرة العاطفة والعقل، محملا الفلسطينيين مسؤولية إتخاذ خيارات ما تزال متاحة لتدارك هذا الوضع"، سائلا وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن "الضغط الإستثنائي لتنفيذ أي حل على صعيد الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي".
وأضاف "يريدون تصفية القضية الفلسطينية، في ظل غياب العرب والعالم الإسلامي، وبسبب إنشغال كل دولة بحالها، وعدم وجود من يضغط على أميركا وإسرائيل، بل على العكس هناك عرب يضغطون على الفلسطينيين من أجل بقاء أنظمتهم"، مكررا أسفه لـ"غياب الشعب العربي، وأيضا الفلسطيني عن هذا الواقع".
وتطرق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، إلى النقاش الذي دار بين اللبنانيين حول العمليات الإنتحارية، قائلا: "إن البعض اتهم حزب الله انه بسبب مشاركته في سوريا، يتحمل مسؤولية ذلك"، وأشار إلى أن "مثل هذا النهج التكفيري سبق له أن استهدف الجيش قبل الأحداث في سوريا"، شارحا مبدأ "النهج التكفيري في الدعوة إلى الانتقال من سوريا الى لبنان، باعتباره جزءا من مشروعهم، وأن الذي دعاهم الى الدخول الى الساحة اللبنانية هو عقليتهم".
أضاف "لكن إذا سلمنا جدلا، بأن الناس تدفع ثمن ذهاب حزب الله الى سوريا، فقام هؤلاء بالتفجيرات، فهل يستحق ذلك ذهابنا الى القتال في المناطق الحدودية مع سوريا مثل القصير ودمشق؟".
وشدد على أن حزب الله مع "الإستمرار حيث يجب أن نبقى".
وتطرق السيد نصر الله الى "المعطيات الجديدة عالميا، لجهة الدول التي مولت وشجعت، وأوصلت المقاتلين الأجانب الى سوريا، التي بدأت تتحدث عن خوفها وقلقها ورعبها في حال إنتصار هؤلاء، وفي حال عودتهم الى بلدانهم، أو في حال خرجوا من سوريا".
وكشف أن "هناك اجتماعات لأجهزة الإستخبارات الفرنسية والعربية لدراسة هذا الأمر"، مشيرا إلى أن "هناك عددا من هذه البلاد أعلنت قوانين تحظر السفر الى سوريا للمشاركة في القتال مثل تونس".
وتحدث أمين عام حزب الله عن "محاولات فرض الشروط على الفلسطينيين لتصفية قضيتهم"، مذكرا اللبنانيين بـ "خطورة العدو الاسرائيلي على لبنان وارضه ومياهه ونفطه"، وعاد بالذاكرة الى "الفهم الخاطئ لاجتياح 1982 لدى البعض باعتباره ضد الفلسطينيين، وان اسرائيل لا تريد احتلال لبنان والسيطرة عليه، بل هي منقذ له، ولكن الذي حصل ان منطمة التحرير الفلسطينية خرجت من لبنان، وارتكبت اسرائيل مجزرة صبرا وشاتيلا، وبقيت اسرائيل محتلة لبنان، تقتل وتعتقل، وكان يحضر لبناء مستعمرات في جنوب لبنان كما كشفوا لاحقا. ولولا قيام المقاومة بكل الفصائل واستمرارها لبقيت وسيطرت"، داعيا اللبنانيين بكل طوائفهم إلى "استحضار تجارب اسرائيل معهم".
وقال: "مازال العدو الاسرائيلي هو الخطر، ويجب التنبه اليه"، محذرا من "خطورة عدم الاهتمام بما تسعى اليه اسرائيل، والى اعتبارها ان حزب الله مايزال الخطر على مصالحها".
وأضاف السيد نصر الله "هذا العدو لا يخيفنا، ولا يمس بإرادتنا وعزيمتنا، وهو يعرف ان المقاومة تحافظ على جهوزيتها، بالرغم مما يجري في لبنان وسوريا، وان المقاومة وان كان يسقط لها شهداء في سوريا، تعتز بهم، الا انها تزداد قوة، فالاستحقاقات اكبر في مواجهة العدو"، منبها اسرائيل أنه ينبغي عليها ان "تقلق، وعليهم ان يحسبوا الحساب للمقاومة"، مكررا دعوته اللبنانيين الى "التنبه إلى خطر اسرائيل".
وإذ تمنى ان "يصبح الجيش اللبناني القوة الوحيدة للدفاع عن لبنان"، دعا "لنذهب الى مدارسنا وبيوتنا، وان يكون دعم الجيش جديا".
ورأى السيد ان "لبنان مايزال متروكا لمصيره"، معربا عن "امله بقيام دولة تبني جيشا ومقدرات لحماية لبنان"، مستعرضا "مرحلة ما بين 82 الى 2006، وقيام البعض بتحميل المقاومة مسؤولية مواجهة اسرائيل، وما ينجم عنها من ضرب اسرائيل للبنان"، فقال "حتى انهم لم يسموا الشهداء بكلمة شهيد، وتمادى بعض المنظرين بمقولة سحب الذرائع، ولكن لو قبلنا بهذا المنطق لوصلت اسرائيل الى الشمال، وشكلت حكومات، ونهبت مياهنا واستولت على النفط ولما كنا قد تقاتلنا عليه".
ولفت إلى ان "هذه المقاومة واهلها، وجزءا كبيرا من الشعب اللبناني لم يقبلوا بهذا المنطق، انما واصلوا تقديم التضحيات، وتحملوا ووصلوا الى هذا التحرير الذي ننعم به".
وإذ حذر من "خطر الارهاب التكفيري، ورفض الاخر المختلف، واستباحة الدماء والاعراض والاموال، والاقصاء والشطب والحذف، كون هذا الامر لم يعد غير معروف"، اعتبر ان "الارهاب التكفيري بات موجودا في كل دول المنطقة، ولم يعد يقتصر على الدائرة المسيحية، انما يشمل السنة ممن ضدهم، وايضا الشيعة وكل المذاهب الاخرى".
وسأل "ألم تحكم داعش على جبهة النصرة، وكانوا نفسا واحدة، وفكرا واحدا، واميرا واحدا، وعقلية واحدة؟ ولكن عندما اختلفوا على اقتسام الغنائم، او اي امر اخر، تقاتلوا وكفروا بعضهم"، معتبرا "ما يجري في سوريا من قتال شديد بين داعش وجبهة النصرة، يجب التأمل به جيدا، واخذ العبرة لتوخي المستقبل".
واستند الى المرصد السوري المعارض في تقاريره عن سقوط حوالي 2000 قتيل، وتدمير القرى، والعمليات الانتحارية وقتل المعتقلين والاسرى وارتكاب المجازر الجماعية، وسأل عن "اي امر اختلفوا، وهم صنيع واحد؟ ولكن على الجميع ان يتأمل بعقلية هذه المجوعات والافراد".
وذكر بـ"اقتتال الفصائل الجهادية في افغانستان بعضهم بعضا، بالرغم من انهم كانوا قد الحقوا الهزيمة بجيش الاتحاد السوفياتي، ولاحقا في قتالهم ضد الاميركيين"، وقال: "منذ خروج السوفيات من افغانستان، والجماعات المسلحة فيها تعبث قتلا، ومثلها ما حصل في الجزائر في القتال بين الجماعات المسلحة والجيش".