استعرض برنامج "الراحل" الذي يبثّ على قناة "روتانا خليجية" سيرة أحد أبرز الشخصيات السعودية في العصر الحديث الشيخ فوزان السابق.
وأوضح البرنامج أن السابق من مواليد مدينة بريدة بمنطقة القصيم التي تلقى تعليمه الأولي فيها في الكتاتيب، ثم انطلق لطلب العلم إلى الرياض والهند والزبير، كما كان خلال رحلاته العلمية يمارس العمل التجاري.
وبعد تفرغه للعمل التجاري مع تجار العقيلات، صار الشيخ فوزان السابق يشتري الإبل والخيول العربية الأصيلة ويبيعها في الشام والعراق ومصر، وأصبح بعد ذلك أميراً على قوافل العقيلات.
وعن علاقته بالملك عبدالعزيز، أفاد ضيوف البرنامج بأن السابق التقى بالملك المؤسس بعد فتح الرياض مباشرة، وشارك معه في عدة معارك، منها معركة جراب، وأصبح بعد ذلك أحد رجاله، وأثناء تواجد الشيخ فوزان بالشام عام 1915م عيّنه الملك عبدالعزيز وكيلاً له هناك بمسمى "وكيل عظمة سلطان نجد"، وكان للشيخ فوزان الفضل في استخراج بطاقات هوية لعدد كبير من السعوديين المتواجدين في الشام وأغلبهم من تجار العقيلات.

وبعدما ضمّ الملك عبد العزيز الحجاز إلى الدولة السعودية في 1925م، عيّن الشيخ فوزان السابق سفيراً في القاهرة بمسمى "وكيل مملكة الحجاز وسلطنة نجد في مصر"، وبعد إبرام معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع مصر تحوّلت الوكالة إلى مفوضية، وأضحى الشيخ فوزان في منصب "الوزير المفوض والمندوب فوق العادة"، ومثل السابق المملكة في الاجتماعات الرسمية وفي توقيع الاتفاقيات والمعاهدات.
وأفاد البرنامج بأن الشيخ فوزان السابق لم يقتصر عمله في القاهرة على الجانب الدبلوماسي، بل تجاوزه للجانب الاجتماعي والثقافي، فكان له دور في تقريب وجهات النظر بين علماء الأزهر وعلماء المملكة، وساهم في تعريف علماء مصر بحقيقة معتقد السعوديين وأنهم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصول وعلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل في الفروع، وساهم الشيخ فوزان كذلك في طباعة ونشر عدد من أمهات الكتب الشرعية والعلمية على نفقته الخاصة، وكانت الكتب توزَّع في جميع أنحاء الوطن العربي.
وأشار البرنامج في هذا الإطار إلى حرص الشيخ فوزان السابق على اقتناء الكتب والمخطوطات النادرة، وكانت له مكتبة في بريدة أوقفها لله تعالى وصارت جزءاً من مكتبة الملك سعود العامة، وما زالت كتبه موجودة فيها، وله كذلك مكتبة أخرى في مصر تحتوي على مئات الكتب.
ومن أبرز جوانب شخصية الشيخ فوزان السابق التي تعرّض لها البرنامج، شغف الشيخ فوزان بالخيل العربية، حيث كان أشهر ملاك الخيل في مصر، وصار إسطبل خيله في منطقة "المطرية" أشهر الإسطبلات المنتجة للخيول الأصيلة، يقصده مربو الخيل من جميع أنحاء العالم؛ حيث إنه كما يؤكد المهندس محمد العبدالله العبدالعزيز السابق أحد أفراد أسرته قد اكتسب معرفة ضخمة بأنساب الخيل وأصولها أثناء عمله في التجارة حتى أصبح مرجعاً في هذا الأمر.

وكان من أشهر الخيول في إسطبل الشيخ فوزان السابق جواد اسمه "مهلهل"، والذي أهداه الشيخ فوزان إلى رجل أعمال أمريكي يدعى "تشارلز كرين" كان قد زاره في الإسطبل وانبهر بالحصان وقدّم شيكاً مفتوحاً للحصول عليه؛ لكن الشيخ فوزان قدّمه هدية له، وهو الحصان الذي كان سبباً في اكتشاف النفط في المملكة بعدما أبدى كرين رغبته في مساعدة المملكة على التنقيب عن النفط كجزء من رد الجميل للشيخ فوزان السابق.
وذكر البرنامج كذلك ما عُرف عن الشيخ فوزان من كرم وسخاء، حيث كان يقدم رواتب شهرية للمحتاجين من ماله الخاص، وبعد وفاته انقطعت الرواتب فجاءوا للسفارة السعودية التي أخبرتهم بأن الأموال التي كانوا يحصلون عليها ليست من السفارة وإنما من الأموال الخاصة للشيخ فوزان السابق.

وحكى بعض ضيوف البرنامج قصة طريفة حصلت بين الشيخ فوزان والملك عبدالعزيز، حيث إن الشيخ فوزان أنجب بعد سن الثمانين طفلاً، فأرسل له الملك عبد العزيز رسالة تهنئة بارك له فيها المولود ومازحه بقوله: "سبحان من يحيي العظام وهي رميم".
ولفت البرنامج إلى أن الشيخ فوزان السابق مكث في عمله في مصر ثلاثين عاماً، وبعد أن بلغ التسعين من العمر طلب من الملك عبد العزيز أن يعفيه من المنصب فرفض، ولم يوافق إلا بعد إلحاح الشيخ فوزان، على شرط أن يرشح للملك عبدالعزيز شخصاً يمكن أن يقوم بالمهمة بعده.

وبعد إحالة الشيخ فوزان للتقاعد، أمر الملك عبد العزيز أن يُهدى مقر المفوضية السعودية في القاهرة له، ويؤكد ضيوف البرنامج أن الملك عبد العزيز قال إن المفوضية هي اللي تخرج ولا يخرج الشيخ فوزان، وأمر أن تُنقل المفوضية لمكان آخر ويصبح المقرّ ملكاً له.

وكان آخر لقاء جمع الشيخ فوزان السابق بالملك عبد العزيز في عام 1953م خلال موسم الحج، وتوفي الملك عبدالعزيز والشيخ فوزان السابق في السنة نفسها، وكان الفاصل بين وفاتيهما قرابة شهرين فقط.





























