شكَّل عام 2025م محطة مفصلية في مسار المملكة، حيث قاد ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، حراكًا سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا غير مسبوق، عزز من خلاله رسم ملامح الدور السعودي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأكد مكانة المملكة كلاعب محوري في استقرار المنطقة وديناميكيات الاقتصاد العالمي.
وفي الداخل، شهد العام تحولات عميقة أثرت بشكل مباشر على حياة المواطنين والمقيمين اليومية، من خلال تعزيز فرص التنمية الاقتصادية، ودعم البرامج الاجتماعية، وتطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 ويعكس التزام القيادة الرشيدة بتحقيق رفاهية المواطن واستدامة التنمية الوطنية.
قرارات داخلية تاريخية.. ضبط سوق الإيجارات
اتخذ ولي العهد قرارات وُصفت بالتاريخية لضبط سوق الإيجارات في مدينة الرياض، بعد رصد اختلالات أثّرت على استقرار الأسر.
وشملت القرارات إيقاف الزيادة السنوية للإيجارات لمدة 5 سنوات، وتثبيت قيمة العقود السارية، وتنظيم آلية التجديد التلقائي، وفرض غرامات على المخالفين، إلى جانب توجيه الجهات المختصة بدراسة حلول تنظيمية مستدامة تضمن العدالة والتوازن بين أطراف العلاقة الإيجارية.
وجاءت هذه الخطوة لتعكس أولوية حماية جودة الحياة، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي، في وقت تشهد فيه العاصمة نموًا عمرانيًا واقتصاديًا متسارعًا.
مشاريع وطنية كبرى.. تنمية تتجاوز الأرقام
شهد عام 2025 إطلاق وتدشين عدد من المشاريع الوطنية الاستراتيجية، من أبرزها: مشروع بوابة الملك سلمان لتطوير المنطقة المركزية في مكة المكرمة، بما يسهم في رفع الطاقة الاستيعابية وخدمة ضيوف الرحمن، وافتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية، ضمن مشاريع تطوير القدرات الدفاعية للمملكة، وإطلاق شركة "هيوماين" للذكاء الاصطناعي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، في خطوة تهدف لجعل المملكة مركزًا عالميًا للبيانات والتقنية المتقدمة، وتدشين خريطة العمارة السعودية، التي توثق الهوية العمرانية للمناطق وتدعم التنمية الحضرية المستدامة.
بُعد اجتماعي وإنساني.. مليار ريال للإسكان التنموي
وفي بُعد إنساني لافت، قدّم ولي العهد تبرعًا شخصيًا بقيمة مليار ريال لدعم مشاريع الإسكان التنموي، موجّهًا بسرعة تنفيذ المشروعات وتسليم الوحدات خلال مدة لا تتجاوز عامًا واحدًا، في رسالة تؤكد أن التنمية الاقتصادية تسير جنبًا إلى جنب مع العدالة الاجتماعية.
وإنفاذًا لتوجيه ولي العهد بترجمة هذا الدعم إلى منجزات ملموسة على أرض الواقع، أعلنت مؤسسة الإسكان التنموي «سكن» بدء المرحلة الأولى من تسليم الوحدات السكنية للمستفيدين في مختلف مناطق المملكة، ضمن خطة تنفيذية شاملة تهدف إلى إنجاز المشروعات السكنية خلال فترة لا تتجاوز 12 شهرًا، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والحوكمة في جميع العمليات التشغيلية.
ميزانية 2026م.. أولوية المواطن وتسريع التحول
أشار ولي العهد إلى أن ميزانية 2026م تجسد التزام حكومة المملكة بوضع مصلحة المواطن في صدارة الأولويات، مشيرًا إلى أن دخول رؤية المملكة 2030 مرحلتها الثالثة يتطلب مضاعفة الجهود وتسريع التنفيذ لترسيخ مكاسب التحول الوطني لما بعد عام 2030م.
وأوضح أن التحولات الهيكلية التي شهدها الاقتصاد الوطني أسهمت في تعزيز نمو الأنشطة غير النفطية، واحتواء التضخم عند مستويات منخفضة، وتحسين بيئة الأعمال، مع استمرار تمكين الشباب وزيادة التوظيف، حيث سجلت معدلات البطالة مستويات قياسية متدنية متجاوزة مستهدفات الرؤية، إلى جانب التقدم في تملك المساكن.
وأكد ولي العهد مواصلة الحكومة دعم استدامة المالية العامة عبر سياسات مالية منضبطة وتخطيط طويل المدى، وتعزيز دور القطاع الخاص وصندوق الاستثمارات العامة في تنويع الاقتصاد، بما يرسخ متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على مواجهة التحديات العالمية.
افتتاح مجلس الشورى.. ثوابت راسخة وتحول متسارع
نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، افتتح ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، مؤكدًا أن المملكة قامت منذ ثلاثة قرون على مبادئ الشريعة الإسلامية والعدل والشورى، مع الاعتزاز بخدمة الحرمين الشريفين.
واستعرض ولي العهد أبرز المنجزات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن الأنشطة غير النفطية شكّلت 56% من الناتج المحلي الإجمالي، واستقطبت المملكة مئات الشركات العالمية، مع تقدم لافت في الذكاء الاصطناعي وتوطين الصناعات العسكرية، إلى جانب انخفاض البطالة وارتفاع مشاركة المرأة، وتحسن مؤشرات الدخل وجودة الحياة، بالتوازي مع سياسات لإعادة التوازن للقطاع العقاري وخفض كلفة السكن.
وأكد ثبات مواقف المملكة الداعمة لأمن واستقرار المنطقة، ووقوفها إلى جانب دولة قطر والشعب الفلسطيني، ومواصلة الجهود لتنفيذ حل الدولتين، ودعم استقرار سوريا وعدد من الدول العربية، مشيدًا بدور مجلس الشورى في تطوير المنظومة التشريعية، ومؤكدًا أن رفعة المواطن وتقدم الوطن تظل الهدف الأسمى لمسار التنمية.
ولي العهد يقود مبادرة التبرع بالدم
في بادرة إنسانية كريمة، تبرع ولي العهد بالدم، ضمن حملته السنوية لتعزيز التبرع الطوعي، وتأتي هذه المبادرة في إطار حرصه على دعم الجهود الوطنية في القطاع الصحي، وترسيخ ثقافة المشاركة المجتمعية، وصولًا إلى رفع نسبة التبرع الطوعي لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 نحو مجتمع صحي وحيوي.
وتجسّد هذه المبادرة القدوة الإنسانية للقيادة الرشيدة، امتدادًا للمواقف السخية في مختلف المجالات، بما في ذلك لقاح فيروس كورونا وبرنامج التبرع بالأعضاء. وتهدف الحملة إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي من الدم ومكوناته، وتوفير إمدادات آمنة ومستدامة لإنقاذ الأرواح، حيث بلغ عدد المتبرعين في 2024 أكثر من 800 ألف متبرع، ليؤكد ولي العهد دور المبادرات التطوعية في غرس ثقافة العطاء والمشاركة المجتمعية.
الثقافة والرياضة.. قوة ناعمة سعودية
رعى ولي العهد الحفل الختامي لكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025، في تأكيد على دعم القطاعات المستقبلية والاقتصاد الإبداعي، وترسيخ مكانة المملكة مركزًا عالميًا للرياضات الإلكترونية، ضمن استراتيجية أوسع لبناء القوة الناعمة السعودية.
زيارة الرئيس ترامب.. تثبيت التحالف وصياغة شراكة استراتيجية جديدة
استقبل ولي العهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارته للمملكة، ترأس خلالها الجانبان القمة السعودية الأمريكية، التي مثّلت نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية.
وشهدت القمة توقيع وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، إلى جانب حزمة واسعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات الدفاع، والأمن، والطاقة، والتعدين، والذكاء الاصطناعي، والفضاء، والنقل الجوي، والصحة، والتعليم.
وأُعلن خلال الزيارة عن اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك بين البلدين، التي تعزز التنسيق العسكري طويل المدى، وتدعم الجاهزية الدفاعية والقدرات الردعية، في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.
كما شهدت الزيارة انعقاد منتدى الاستثمار السعودي–الأمريكي، حيث أُعلن عن اتفاقيات واستثمارات تجاوزت 270 مليار دولار، ما يعكس الثقل الاقتصادي المتنامي للمملكة، ودورها المحوري في استقرار الاقتصاد العالمي.
الدفاع الاستراتيجي المشترك.. شبكة أمان إقليمية
وفي امتداد لنهج تعزيز الأمن الوطني والإقليمي، وقّع ولي العهد مع دولة رئيس وزراء باكستان اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك، التي تنص على أن أي اعتداء على أحد البلدين يُعد اعتداءً على الآخر.
وتُعد هذه الاتفاقية من أبرز الاتفاقيات الدفاعية في المنطقة، لما تحمله من دلالات سياسية وأمنية، وتؤكد انتقال المملكة من مفهوم الدفاع التقليدي إلى بناء شبكة تحالفات استراتيجية قائمة على الردع المشترك.
حراك سياسي عربي وإسلامي يعيد التوازن الإقليمي
قاد ولي العهد حراكًا سياسيًا فاعلًا عبر القمم الخليجية والعربية والإسلامية، حيث ترأس وفد المملكة في الدورات العادية والاستثنائية لمجلس التعاون الخليجي، مؤكدًا التزام المملكة بأمن واستقرار دول الخليج والمنطقة.
وشملت تحركاته استقبال ولقاءات مع قادة دول عربية وإسلامية، من بينهم ملك الأردن، ورئيس دولة الإمارات، ورئيس إندونيسيا، ورئيس وزراء باكستان، إضافة إلى لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، في إطار توجه سعودي داعم لعودة الاستقرار العربي ومعالجة الملفات الإقليمية بروح المسؤولية.
شراكات دولية مع القوى الصاعدة
على الصعيد الدولي، عزّز ولي العهد الشراكات مع القوى الاقتصادية الكبرى، عبر لقاءات وزيارات رسمية شملت رئيس وزراء الهند، وعددًا من قادة الدول الآسيوية والأوروبية، وجرى خلالها توقيع اتفاقيات تعاون اقتصادي وصناعي وتقني، وتفعيل مجالس التنسيق الاستراتيجية، بما يخدم المصالح المتبادلة ويعزز تنويع الاقتصاد السعودي.
زيارة الرئيس السوري للمملكة.. لحظة سياسية مفصلية
شهد عام 2025 زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى المملكة، في محطة وُصفت بأنها مفصلية في مسار العلاقات العربية السورية، وجاءت ضمن الدور السعودي الهادف إلى إعادة سوريا إلى محيطها العربي، ودعم الحلول السياسية التي تحفظ وحدة الدولة السورية واستقرارها.
وعكست الزيارة تحولًا في المشهد الإقليمي، حيث أكدت المملكة مجددًا أنها بوابة التوازن العربي، وقادرة على إدارة الملفات المعقدة بحكمة سياسية عالية.
ولعبت المملكة دورًا مهمًا في إعادة سوريا إلى العالم ورفع العقوبات عنها، نتيجة جهود دبلوماسية حثيثة قادها ولي العهد، حيث أسهمت اللقاءات والمشاورات مع قادة الدول، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، في تهيئة المناخ السياسي لقرار رفع العقوبات.
وقد أشار الرئيس الأمريكي إلى أن مناقشاته الموسعة مع ولي العهد كانت سببًا رئيسيًا في اتخاذ هذا القرار، الأمر الذي عكس مكانة المملكة القيادية وقدرتها على إدارة الملفات الإقليمية المعقدة بروح من الحكمة والمسؤولية، ورسّخ دورها كبوابة لإعادة التوازن والاستقرار إلى المنطقة.
زيارة ولي العهد إلى أمريكا.. حضور قيادي في قلب القرار العالمي
في خطوة عكست ثقل المملكة السياسي والدولي، قام ولي العهد بزيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التقى خلالها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعددًا من كبار المسؤولين وصنّاع القرار، وقادة الشركات العالمية، وشارك في لقاءات استراتيجية ناقشت مستقبل الشراكة السعودية–الأمريكية.
وشهدت الزيارة مباحثات معمّقة حول الأمن الإقليمي، والطاقة، وسلاسل الإمداد، والاستثمار، والتقنيات المتقدمة، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تعزيز التعاون العسكري والدفاعي، بما يخدم المصالح المشتركة، ويواكب المتغيرات الدولية، وأكدت الزيارة أن المملكة لم تَعُدْ شريكًا اقتصاديًا فقط، بل فاعلًا سياسيًا رئيسيًا في صناعة الاستقرار العالمي.
ردة فعل ولي العهد وتفاعل العالم
جسّد ولي العهد نموذج القيادة القريبة من التفاصيل، من خلال تفاعله المباشر مع تصميم مطار أبها الجديد، عبر محادثة في تطبيق "الواتساب" مع أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، حيث أبدى إعجابه بالمقترح واصفًا المشروع بأنه "مطار يليق بأبها".
وتحوّل هذا التفاعل إلى حالة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تداول صورة للمحادثة التي كشفت استخدام ولي العهد لشعار المملكة "السيفين والنخلة" كصورة شخصية على التطبيق، ما دفع عددًا كبيرًا من المواطنين والجهات الحكومية والشركات الخاصة إلى اعتماد الشعار ذاته، تعبيرًا عن الفخر بالقيادة والالتفاف حول الرؤية الوطنية الطموحة.
وعلى الصعيد الدولي، برز التأثير السياسي لولي العهد عقب تفاعله مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، حيث أرجع ترامب قراره إلى مناقشات موسعة مع ولي العهد، فيما عبر ولي العهد عن سعادته بقرار "ترامب" عبر التصفيق له، ووضع يديه على صدره لتصبح ردة فعل هذه رمزًا للشكر والامتنان من السوريين لولي العهد لجهوده في رفع العقوبات على سوريا.
خلاصة المشهد
يعكس حصاد عام 2025 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان نهجًا قياديًا يقوم على الحسم في القرار، والتوازن في السياسة، والطموح في التنمية.
فبين تحالفات دفاعية استراتيجية، وشراكات اقتصادية كبرى، وإصلاحات داخلية تمسّ حياة المواطن، تواصل المملكة إعادة صياغة دورها كقوة إقليمية مؤثرة ودولة ذات ثقل عالمي متنامٍ.































